Header Ad

التصنيفات

الارهاب ظاهرة عربية وليست اسلامية

 الباحث الألماني في شؤون الارهاب شتينبرغ*: الإرهابيين يعانون من ازمة هوية.. ظاهرة الارهاب هي ليست ظاهرة اسلامية

اعتبر خبير الإرهاب التابع لمكتب المستشار الألماني السابق غيرهارد شرويدر والباحث في المعهد الألماني للدراسات الدولية والأمنية تيدو شتينبرغ «الإرهاب ظاهرة عربية وليست إسلامية».

ودلل شتينبرغ على رأيه أن في ألمانيا الملايين من المسلمين الأتراك مقابل الآلاف من المسلمين العرب الذين يتبنون الحركات الإرهابية دون غيرهم، وقال: «لو كان الإرهاب ظاهرة إسلامية لتبناها الأتراك».

ووصف الداعية الإسلامي يوسف القرضاوي بأنه «متطرف جداً» لكنه استدرك بقوله «انه ليس إرهابيا»، موضحاً أن التطرف العقلي والأيديولوجي هو أخطر أنواع التطرف.

ولم يفرق شتينبرغ بين ما يحدث في فلسطين والعراق من أعمال تحمل طابع المقاومة، وقال: «كله إرهاب»، موضحاً أن مشكلة المسلمين تكمن في الربط بين الإرهاب وأهدافه فإذا كانت الأهداف نبيلة اعتبروه وسيلة خيرة.

وعن أسباب الإرهاب في المنطقة العربية قال شتينبرغ انها ترجع إلى النزاع بين الحكومات والجماعات المعارضة، موضحاً أن هذه الجماعات عندما تفشل في تحقيق أهدافها تلجأ إلى العنف، ثم تدويل الكفاح.

وحول إمكان وصول الجماعات الإسلامية إلى الحكم بالانتخاب، أكد شتينبرغ ان من الخطورة السماح للجماعات الإسلامية بالوصول إلى الحكم من دون رقابة، كما أن وصولها بالديموقراطية لا يعني تأصيل الديموقراطية «فهتلر وصل إلى الحكم بالانتخاب»، وإرهاب الجماعات الإسلامية قد يتحول إلى إرهاب دولة إذا وصلوا إلى الحكم.

وفيما يتعلق بإمكان السيطرة على الأفكار المتطرفة ذكر شتينبرغ ان بعض الجماعات تستمد تأثيرها الأيديولوجي عبر الإنترنت، ولا يمكن لأجهزة الأمن في أوروبا السيطرة على هذا النوع من الاتصال.

وفي ما يلي تفاصيل اللقاء الذي اجرته صحيفة القبس الكويتية مع الباحث الالماني:

* سيد شتينبرغ ما الفرق بين التطرف والإرهاب؟

– الفرق الاساسي بينهما هو العنف ولكن التطرف ليس بالفعل فقط بل ان اخطر انواع التطرف هو التطرف العقلي والايديولوجي. فعلى سبيل المثال أنا اعتبر القرضاوي متطرفاً وخطيراً جداً ولكنه ليس ارهابياً، فهذا الشخص لديه تأثير كبير على الناس هنا وكذلك في اوروبا، واخطر ما في اطروحاته تلك الفروق البسيطة. فهو يقول على سبيل المثال ان ما يحدث في العراق ليس جهاداً وفي الوقت نفسه يبرر العمليات الانتحاربية في فلسطين، لذلك فان الفاصل بين التطرف والارهاب يظل يشكل اشكالية حقيقية.

* ولكن ألا تعتقد ان العمليات الانتحارية في فلسطين دفاع عن النفس؟

– المشكلة عندكم انكم تربطون الارهاب بالاهداف، فاذا كانت الاهداف نبيلة ينظر للارهاب على انه وسيلة خيرة والعكس صحيح ولكن ذلك خطأ، فالارهاب من الناحية العلمية وسيلة تكتيكية تتضمن الخطف والتهديد والقتل والهجوم الانتحاري وهو كما هو ارهاب سواء في العراق أو فلسطين.

* كيف ترى ردة فعل الشارع الأردني على الزرقاوي أخيراً؟

– (ذلك بالضبط ما كنت ارمي اليه): فقد كان هناك جزء من الرأي العام الأردني يسكت على الاعمال الارهابية للزرقاوي لاعتقاده أنها نبيلة وعندما تحولت هذه الاعمال الى الداخل راح الجميع يدينها ويعتبرها اعمالاً ارهابية.

* ما اسباب التطرف في المنطقة؟

– من الصعب وجود سبب واحد لمنطقة كبيرة ومتباينة كما هي الحال بالنسبة الى المنطقة العربية، ولكن اهم اسباب التطرف هو في النزاع بين الحكومات وحركات المعارضة. وكلما أيقنت جماعات المعارضة من انها لن تنجح في تحقيق اهدافها السياسية بالطرق السليمة لجأت الى استخدام العنف ضد الحكومة، وعندما لا تنجح تلجأ الى تدويل هذا الكفاح ضد القوى الغربية، ولاسيما ضد الولايات المتحدة الأميركية مثلما حدث مع القاعدة ومجموعة الزرقاوي. أما مقولة ان سبب التطرف هو الصراع الفلسطيني- الاسرائيلي فأنا اعتقد بانه سبب ثانوي.

*متى يتحول المتطرف إلى إرهابي؟

– هذا يحدث بتوفر التربة الخصبة، ولاسيما وجود جماعة ارهابية يتمكن من الانتماء اليها، وحينما تعجز الوسائل السلمية لتحقيق الغايات السياسية يكون اللجوء للارهاب وهذا ما حدث مع الجماعات الاسلامية في مصر في فترة السبعينات.

* كونك باحث الماني فانا اجزم بانك على اطلاع بالتجربة الالمانية التي تمثلت في ارهاب الدولة ابان حكم النازية، فكيف يمكن الاستفادة من هذه التجربة لمكافحة ارهاب الوقت الراهن؟

– للتجربة الالمانية تأثير قوي على تفكيري حول الاحداث في المنطقة، واعتقد ان اهم الدروس تكمن في اي من الخطورة بمكان السماح لبعض الجماعات الاسلامية الوصول للحكم دون رقابة لان ذلك خطير جداً كما ان وصولها للحكم بواسطة الديموقراطية لا يعني ذلك تأصيل للديموقراطية. فهتلر وصل للحكم بواسطة الانتخابات وكان ديموقراطيا حتى فاز في الانتخابات وبعد اشهر قليلة قضى على التجربة الديموقراطية في ألمانيا.

* ولكن ألا تعتقد ان هناك فرقاً بين ارهاب الدولة وارهاب الجماعات؟

– بالطبع هناك فرق، فارهاب هذه الجماعات يكمن بسبب الضعف وعدم القدرة على الوصول الى الحكم، ولكن ارهاب الدولة ناتج عن قوة وجبروت هذه الدولة، كما ان نتائج كلا الارهابيين مختلفة. فقد كانت نتيجة ارهاب الدولة الذي قاده هتلر ان كلف البشرية زهاء 50 مليون نسمة بينما اعظم عملية ارهابية قامت بها هذه الجماعات هي قتل 3000 أميركي في احداث الحادي عشر من سبتمبر.

فهناك فرق في المنشأ وفداحة النتيجة ولكن ارهاب الجماعات ممكن ان يتحول الى ارهاب دولة اذا وصلت هذه الجماعات الى الحكم دون رقيب.

* ما اهم مشاكل المسلمين في اوروبا؟

– تختلف مشاكلهم من بلد الى آخر، ولكن المشكلة الاساسية هي البطالة والحالة الاجتماعية وهي ليست فقط مشكلة المسلمين ولكن مشكلة الاجانب بصفة عامة، فاساس مشكلة المسلمين لا يكمن في دينهم ولكن في حالتهم الاجتماعية، مثلاً عندنا في برلين نسبة البطالة بين الاتراك والعرب تصل الى 40% بينما هذه النسبة تصل الى 20% بين الالمان.

* وما رأيك فيما حدث من اعمال شغب في فرنسا؟

– لهذه الاسباب نفسها التي تكمن في المشكلة الاجتماعية وليس الدين او العرق، فبالرغم من سوداوية المشهد واذا بحثنا عن شيء ايجابي فان ذلك يكمن في ان هذه الظاهرة لم تحدث لاسباب عرقية أو دينية بل لاسباب اقتصادية او اجتماعية.

* ما رأيك بالتفجيرات الأخيرة التي  حدثت  في  لندن؟

– هناك سببان رئيسيان، الأول إن هؤلاء الإرهابيين يعانون من ازمة هوية تكمن في انتمائهم لبريطانيا فكلهم من مواليد بريطانيا ويحملون الجنسية البريطانية الا انهم يعيشون بشكل مهمش في المجتمع البريطاني، لذلك جاءت هذه التفجيرات كاحتجاج على حالتهم الاجتماعية في بريطانيا. اما السبب الثاني فهو يكمن في رفضهم القوي للسياسة البريطانية تجاه العراق.

وقد كان لايديولوجية القاعدة تأثير كبير على طريقة تفكيرهم، فهم مجموعة من الشباب الذين ليس لديهم انتماء مباشر للقاعدة ولكن وقعوا تحت التأثير الايديولوجي الذي استمدوه بواسطة الانترنت، وهي ظاهرة خطيرة جدا لأنه لا يمكن لمؤسسات الامن في اوروبا ان تسيطر على هذا النوع من التواصل لمكافحة هذه الافكار الارهابية والمتطرفة.

وقد تجلت هذه الظاهرة بوضوح في تفجيرات لندن، وقبل ذلك في امستردام حينما قتل المخرج السينمائي فان كوغ وقبل ذلك في مدريد في تفجيرات خطوط السكك الحديدية.

* انطلق من هامبورغ المدينة الالمانية ثلاثة من مفجري اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر، ما علاقة هذه المدينة بالارهاب الديني؟

– هامبورغ هي اكبر المدن في المانيا حيث يصل تعداد السكان فها الى المليون ونصف المليون نسمة ويصل تعداد المسلمين هناك الى ما يقارب 150 الف نسمة هي مدينة لا توجد فيها مشاكل كبيرة. فالمدينة متسامحة مثل المدن التجارية في الخليج.

* اذن ما اسباب تطرفهم؟

– أسباب التطرف ترجع بالدرجة الاولى الى حياة هؤلاء الاشخاص فالمصري محمد عطا كان متطرفا منذ البداية وجاء لهامبورغ وبحث عن اصدقاء، حيث وجدهم في مسجد القدس وهو محطة الالتقاء لهؤلاء الثلاثة. اما الاماراتي مروان السقيمي فقد جاء محملا بالفكر الوهابي من مدينته رأس الخيمة في الامارات، ولكن زياد الجراح يعتبر الاستثناء الكبير فقد كانت لديه صديقة تركية المانية وعلى ما يبدو انه تطرف بسبب تأثير زملائه، كما ان فكرة الاستشهاد جاءت من اجل التكفير عن الذنوب.

فبعض المسلمين يلجأون الى قتل الآخرين بسبب عقدة الذنب ومن اجل التكفير عن الذنوب.

* ما سبب وجود ظاهرة المساجد المتطرفة في المانيا؟

– هذه الظاهرة موجودة في كل انحاء اوروبا، فعلى سبيل المثال في المانيا توجد ثلاثة مساجد للمتطرفين، وهي مسجد القدس في هامبورغ ومسجد النور في برلين ومسجد عباد الرحمن فرايبورغ.

واسباب تطرف هذه المساجد انها تضم عناصر متطرفة تعمل على جذب المتطرفين لتبني الفكر الجهادي.

* وما مستقبل هذه الظاهرة المتطرفة في المانيا؟

– استطيع ان اقول انها ليست ظاهرة كبيرة في المانيا، وذلك لأن غالبية الاجانب هم من الاتراك فظاهرة الارهاب هي ظاهرة عربية، وهذا اكبر دليل على ان ظاهرة الارهاب هي ليست ظاهرة اسلامية فلو كانت اسلامية لتبناها الاتراك وهم بالملايين في المانيا بينما العرب هم بضعة آلاف.

 


* تيدو شتينبرغ

– خبير الارهاب التابع لمكتب المستشار الالماني جيرهارد شرويدر

– الباحث في المعهد الألماني للدراسات الدولية والأمنية

– محلل لقضايا الارهاب لدى العديد من الجرائد ومحطات التلفزة الألمانية

– يحمل دكتوراه التخصص ويتكلم العربية بطلاقة.