Header Ad

التصنيفات

المواجهة حول سوريا تهدد العالم بحرب ثالثة

يوم الأحد 15 يوليو/تموز 2012 تحدثت صحيفة “ميل أون صندي” الصادرة في لندن عن مواجهة دبلوماسية محتملة بين روسيا وبريطانيا بسبب سفينة شحن تحمل مروحيات متجهة إلى سوريا بمرافقة سفن من سلاح بحريتها.

وقالت الصحيفة إن السفينة الروسية “ألايد” تحمل ثلاث مروحيات هجومية ومنظومات للدفاع الجوي، وتبحر إلى الجنوب من النرويج وتتبعها أربع سفن حربية روسية على مسافة خمسين ميلاً بحريا.

وكانت بريطانيا قد أوقفت السفينة “ألايد” قبالة سواحل إسكتلندا خلال شهر يونيو 2012 بعد سحب غطاء التأمين عنها من قبل شركة التأمين البحري البريطانية “ستاندارد كلوب” تحت ضغط حكومة لندن وبموجب العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على شحنات الأسلحة إلى الحكومة السورية.

وأضافت الصحيفة أن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ احتج لدى موسكو على شحنة الأسلحة، فيما درس رئيس الوزراء البريطاني خيار اعتراض السفينة قبل أن تعود إلى ميناء مورمانسك الروسي، وقد تم استبعاد هذا الحل في حينه بعد رصد تحرك غواصتين نوويتين روسيتين وهما تسرعان نحو السفينة “ألايد”.

وأشارت إلى أن السفينة “ألايد” أبحرت مرة أخرى الأسبوع الثاني من يوليو تحت العلم الروسي بدلا من علم جزيرة كوركاو في البحر الكاريبي في المرة السابقة، ما يعني أن اعتراضها هذه المرة عند دخولها المياه البريطانية في طريقها إلى سوريا قد يؤدي إلى حادث دولي.

وقالت الصحيفة إن مصدراً بارزا في البحرية الروسية أكد أن أوامر رسمية صدرت لسفن البحرية الروسية لتأمين المرافقة الوثيقة للسفينة “ألايد”، فيما أعلن مسؤولون بوزارة الدفاع النرويجية خلال الثلث الأول من شهر يوليو أن “ألايد” تبحر على طول ساحل بلادهم ووراءها سفن حربية روسية.

وأضافت أن بعض الخبراء يعتقدون أن “ألايد” قد تبحر على مقربة من الجزر البريطانية وتثير بذلك مواجهة محتملة، فيما رجح آخرون احتمال نقل شحنتها من الأسلحة إلى سفينة أخرى قبل إيصالها إلى سوريا.

وتصر موسكو على أنها غير ملزمة بالعقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على نقل الأسلحة إلى سوريا، وترى أن السفينة “ألايد” لها كل الحق في إطار القانون الدولي بتسليم شحنة الأسلحة إلى سوريا بموجب عقد أُبرم مع الأخيرة عام 2009 لإصلاح مروحيات هجومية روسية الصنع.

ونسبت “ميل أون صندي” إلى متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية قوله “نحن على علم بالتقارير بأن “ألايد” بدأت تتحرك مرة أخرى، غير أن وجهتها النهائية ليست واضحة.

كما نقلت عن مصدر في البحرية الروسية قوله “نأمل ألا يطلق أحد شرارة الحرب العالمية الثالثة بسبب ذلك”.

الحديث عن شرارة الحرب العالمية الثالثة يكشف المدى الخطر الذي وصلته المواجهة الروسية الصينية من جهة مع الولايات المتحدة وحلفائها من جهة أخرى في معركتهم حول سوريا.

التلويح بحرب عالمية ثالثة

يوم 19 يوليو استخدمت روسيا والصين للمرة الثالثة منذ إندلاع الأزمة السورية حق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن الدولي لمنع تمرير قرار غربي.

وبعد ذلك باربع وعشرين ساعة حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الدول الكبرى الغربية من القيام بأي تحرك ضد الحكومة السورية خارج إطار مجلس الأمن الدولي.

ونقلت وكالات الانباء الروسية عن المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف قوله انه “في نظر الرئيس الروسي فان أي محاولة للتحرك خارج مجلس الأمن الدولي ستكون غير مجدية وستؤدي فقط إلى تقويض سلطة هذه المنظمة الدولية”.

واوضح المتحدث أن بوتين عبر عن وجهة نظره هذه خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي الروسي، الهيئة الاستشارية المسؤولة عن وضع السياسة الامنية للبلاد.

واضاف المتحدث ان روسيا ترفض الاتهامات الغربية لها بان “الفيتو” الذي استخدمته يوم الخميس 19 يوليو ضد مشروع قرار غربي يهدد بفرض عقوبات على دمشق اذا لم تسحب اسلحتها الثقيلة من المدن سيؤدي إلى استمرار دورة العنف في سوريا.

وقال أن “اعضاء مجلس الامن القومي الروسي شددوا على ان محاولات ربط تصاعد التوترات في سوريا بالموقف الروسي هي محاولات خاطئة تماما وغير مقبولة”.

عجرفة الغربيين

موازاة مع ذلك قالت وكالة انباء الصين الجديدة (شينخوا) يوم الجمعة 20 يوليو ان اللوم يقع على الغربيين في اخفاق أحدث قرار لمجلس الامن الدولي بشأن سوريا بعد ان حاولوا ان يقحموا مسودة غير متوازنة لا تتضمن ضغوطا كافية على جماعات المعارضة السورية.

وأضافت ان الدبلوماسيين الغربيين “ابدوا عجرفة وعدم مرونة” خلال المشاورات مما أدى إلى وأد مشروع القرار بالفعل، وان التأييد الغربي للقرار بعث برسالة مفادها “ان الساسة في لندن وواشنطن لا يعنيهم سوى ان يوثقوا يدي دمشق في الوقت الذي يغضون فيه الطرف عن العمليات العنيفة للقوات المناهضة للحكومة بل إنهم يشجعونها”.

قبل الفيتو الروسي الصيني بأربع وعشرين ساعة أي يوم 18 يوليو حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من أن فرض مجلس الامن عقوبات على سوريا سيكون بمثابة دعم مباشر للمعارضة وقد يجر البلاد إلى حرب أهلية. وأضاف للصحفيين في موسكو عند استفسارهم عن ما يروج حول هجوم المعارضة على دمشق “انها معركة على العاصمة هناك قتال حاسم يجري في سوريا. تبني قرار على هذه الخلفية سيصل إلى حد التأييد المباشر للحركة الثورية. اذا كنا نتحدث عن ثورة فلا مكان لمجلس الأمن التابع للامم المتحدة في هذا”.

وأكد لافروف ان الرئيس السوري بشار الاسد لن يتخلى عن السلطة طواعية وحذر القوى الغربية من ان تأييدها للمعارضة لن يؤدي الا إلى تصعيد اراقة مزيد من الدماء في سوريا.

واستطرد “بدلا من تهدئة الموقف بعض الشركاء يشجع المزيد من التصعيد. سياسة تأييد المعارضة هي طريق مسدود. لن يرحل الاسد من تلقاء نفسه وشركاؤنا الغربيون لا يعرفون ما يفعلونه ازاء ذلك”.

صراع على الصعيد العالمي

يقول محللون غربيون أن موسكو في نطاق صراعها الواسع على النفوذ العالمي مع الغرب، وهذه المرة عبر البوابة السورية تريد تحقيق وقف حاسم لتقدم نفوذ خصومها، وتقدر أن الجيش النظامي السوري قادر على حسم المعركة ضد المعارضة بكل أطيافها وكذلك أنصارها من المقاتلين الأجانب ووحدات التدخل الخاصة التابعة لكل من الولايات المتحدة وبريطانيا وأعضاء آخرين في حلف “الناتو”.

ويضيف المحللون أن ساسة الكرملين يقدرون أنه لو تركت الحرية للولايات المتحدة لتركب حركة التحول في سوريا كما فعلت من قبل في مناطق عربية أخرى، وتنفذ مشروع الشرق الأوسط الكبير، فإن شهية البيت الأبيض ستتسع. الرئيس بوتين يرى أنه لو نجحت واشنطن في التدخل عسكريا في سوريا كما فعلت في ليبيا، فإنها ستتجه إلى كل من مصر والسودان لتنفيذ جزء جديد من مخطط الشرق الأوسط الكبير لتفكيك هياكلهما ثم إغراقهما في نزاعات داخلية تقود إلى إقامة دويلات جديدة وإعادة رسم خريطة المنطقة بإسلوب قريب لما يطبقه البيت الأبيض في العراق منذ احتلاله سنة 2003.

يذهب أعضاء في مجلس الأمن القومي الروسي إلى الحديث عن مشروع أميركي واسع يمتد من السواحل الأفريقية الشمالية على المحيط الأطلسي وحتى الخليج العربي، يقوم على إثارة ما يسميه ساسة في البيت الأبيض بالفوضى الخلاقة، مما سيسمح بإعادة رسم خارطة المنطقة على أسس عرقية ودينية ومناطقية، وهذا بالتالي سيمكن الولايات المتحدة من التحكم عبر شركاتها بشكل شبه مطلق في ثروات المنطقة وبناء تحالفات عسكرية تشكل طوقا هدفه خنق روسيا وحرمانها من الوصول إلى المياه الدافئة، زيادة على إمتلاك وسيلة لقطع إمدادات الصين من النفط والمواد الخام من الشرق الأوسط وأجزاء كبيرة من القارة الأفريقية.

المخابرات المركزية

خلال الربع الأول من سنة 2012 أقر عدد من كبار المسؤولين الأميركيين لصحيفة “وول ستريت جورنال” قيام عناصر من الاستخبارات الأميركية، إلى جانب ديبلوماسيين، بتكثيف اتصالاتهم مع المسلحين السوريين للعمل على تنظيم عملياتهم العسكرية المتنامية.

وكجزء من الجهود المبذولة، إلى جانب السعودية وقطر وتركيا والحلفاء الباقين، يعمل عناصر من جهاز الاستخبارات الأميركية على تطوير الطرق اللوجستية لنقل الإمدادات إلى سوريا وكذلك توفير التدريب على التواصل.

كما يناقش المسؤولون الأميركيون طرح تبادل المعلومات الاستخبارية مع “الجيش السوري الحر” لتنسيق فرار المتمردين من وجه قوات النظام عندما تهاجمهم.

ووفقا للصحيفة، أعلن المقاتلون بشكل صريح أنهم قادرون على اعتراض الاتصالات العسكرية الحكومية، كما أكدوا أن الاتصالات الحديثة والآمنة بين بعضهم البعض سمحت لهم بتنظيم انشقاقات على نطاق أوسع. وخلال الثلث الثاني من سنة 2012، تجاوب المسلحون المعارضون مع التوجيهات الأميركية للتركيز بشكل أفضل على مركزية القيادة، وأنشأوا 9 مجالس عسكرية على مستوى المحافظات.

في التوقيت نفسه أشارت صحيفة “الاندبندنت” البريطانية إلى حصول مقاتلي “الجيش السوري الحر” على شحنات ضخمة من الأسلحة من السعودية وقطر عبر تركيا.

المقاتلون الأجانب

حديث موسكو وبكين المثبت لنظرية التدخل الأجنبي في النزاع السوري، يلقي من حين لآخر دعما من مصادر إعلام غربية رغم محاولات التعتيم الممنهجة.

يوم السبت 21 يوليو 2012 افاد مصور وكالة “فرانس برس” عند معبر باب الهوى بين سوريا وتركيا، ان مجموعة من نحو 150 مسلحا من دول اسلامية عدة كانوا يتمركزون في المعبر.

واضاف المصور ان المسلحين من الجزائر والمملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة ومصر وفرنسا والشيشان وتونس وبعض الدول الافريقية. كما أعلن عدد منهم انهم ينتمون إلى القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.

معبر باب الهوى هو واحد من 12 معبرا حدوديا بين تركيا وسوريا.

مراسل فرانس برس على الجانب التركي من الحدود “فوليا اوزيركان” أكد في نفس اليوم من بلدة جيلواجازو التركية قبالة معبر باب الهوى: تجمع العشرات من سائقي الشاحنات الاتراك وهم يرمقون بنظرات ملؤها الغضب المسلحين الذين سيطروا على المعبر، مؤكدين ان هؤلاء احرقوا شاحناتهم ونهبوا حمولاتها، مطالبين حكومتهم بتعويضات.

غموض تفجير دمشق

في نفس الوقت تقريبا الذي كان فيه الصراع يحتدم في مجلس الأمن الدولي، وموزاة مع تصريحات وزير خارجية روسيا عن معركة حاسمة في دمشق، هز إنفجار عنيف يوم الأربعاء 18 يوليو مبنى الأمن القومي في وسط دمشق وأدى إلى مقتل أربعة من كبار المسؤولين، هم العماد داوود راجحة وزير الدفاع، والعماد آصف شوكت صهر الرئيس السوري بشار الاسد ونائب وزير الدفاع، والعماد حسن توركماني معاون نائب رئيس الجمهورية ورئيس خلية الازمة المؤلفة من ستة اعضاء، وهشام بختيار رئيس المخابرات السورية.

المعلومات تضاربت بشأن طبيعة التفجير، حسب وكالتي “رويترز” و”فرانس برس” وسرت روايتان متناقضتان عن الهجوم احداهما تتحدث عن تفجير انتحاري والثانية عن حقيبة محشوة بالمتفجرات تم تفجيرها عن بعد.

وتحدث التلفزيون السوري في بادئ الأمر عن هجوم “انتحاري” ثم عاد ليكتفي بوصفه بأنه “اعتداء ارهابي”.

في شريط فيديو قال ضابط من “الجيش السوري الحر” أن عنصرا من “سرية المهام الخاصة التابعة لكتائب الصحابة بداخل المكان قام بالعملية بطريقة معينة تحفظ عن ذكرها”.

العديد من المحللين العسكريين لم تقنعهم الفرضيتان اللتان طرحتا حول طريقة تنفيذ التفجير، وأشاروا إلى أن مبنى الأمن القومي المكون من ثلاث طبقات محصن بشكل كثيف وبكل جوانبه أجهزة كشف ورصد، كما في أهم مطارات العالم، ولهذا لا يمكن تمرير عبوة ناسفة كبيرة كالتي استخدمت. المبني قريب من السفارة التركية بدمشق ويفصله عنا بناءان فقط ومسافة لا تتجاوز 40 مترا، ولهذا وضع خبراء سوريون وروس أجهزة لمنع التنصت على ما يدور في المبنى وجدران داخلية من مواد عازلة خاصة في غرف الاجتماعات للحد من قدرة الأختراق الالكتروني.

فيما يقدر أنه عملية تمويه ذكرت مصادر إعلامية نقلا عن مصدر للمعارضة السورية، ذكر أنه جرى إدخال شرائح من مادة “الـسي 4” شديدة الانفجار حجم الواحدة منها أقل من حجم جهاز الموبايل، هذه الشرائح جرى إلصاقها بأسفل طاولة الاجتماعات عند مكان جلوس كل مسؤول من المجتمعين. المصدر ذكر أيضا أن شرائح “الـسي 4” هي من النوع المتطور والتي لا يوجد مثلها سوى لدى أجهزة مخابرات متقدمة، وهذه الشرائح تحوي أيضا على شرائح ممغنطة تتلقى أمر التفجير من جهاز يرسل لها إشارات من مكان بعيد وفي أي توقيت يختاره المنفذون.

وفي تعليق على الخبر قال ابودجانة الخرساني وهو اسم لمسؤول في تنظيم القاعدة ان التفجير يحمل بصمات تنظيم “القاعدة”.

وأضاف ان المادة المتفجرة هي “الـسي 5” وليست “الـسي 4” وقال ان هذه المادة اشتراها التنظيم من المافيا الروسية مؤخرا وأنها استعملت في ميدان السبعين في اليمن ويوجد الكثير من هذه المادة بحوزة التنظيم.

صاروخ جو أرض

مصادر رصد ألمانية وبناء على كل ما تم جمعه من معلومات عبر سفن الأسطول التابع لبرلين والذي يجوب شرق المتوسط، وبعد أن استبعدت كل الفرضيات السابقة، قدرت أنه تم إدخال جهاز أو جهازين صغيرين جدا في حجم زر قميص مثلا مهمتهما فقط تحديد مكانهما مثل هوائيات الهواتف النقالة.

هذه الأجهزة التي ليس لها أي مظهر مثير للشبهات، مهمتها فقط السماح لصاروخ يطلق من طائرة أو من غيرها بالاستدلال عبرها عن هدفه. وتضيف نفس المصادر أنه على ضوء النشاط الكثيف للطائرات الأميركية بدون طيار وغيرها الحليفة العاملة فوق سوريا ولبنان، من المرجح أن التفجير تم بواسطة جسم موجه من خارج المبنى.

يذكر أنه يوم السبت 14 يوليو 2012 ذكرت وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) أن طائرة استطلاع مجهولة الهوية سقطت في بلدة يونين التابعة لقضاء بعلبك في وادي البقاع شرق لبنان، وتسببت بإشتعال حريق في المنطقة.

بعدها أفادت مصادر رصد غربية لها سفن حربية تجوب منطقة السواحل السورية اللبنانية، أن الطائرة انطلقت من طراد تابع للأسطول السادس الأميركي العامل في المتوسط وحلقت في المجال الجوي السوري قبل أن تواجه مشاكل، وقد حاول الطراد الأميركي الذي انطلقت منه استعادتها ولكنها سقطت داخل الأراضي اللبنانية وتم نقلها قبل أن تتحرك إسرائيل بناء على طلب أميركي للتدخل لتدمير ما بقي سليما من الطائرة.

يذكر كذلك أن مصادر عديدة كانت قد أشارت منذ أكثر من ستة أشهر إلى أن الولايات المتحدة فقدت حوالي 5 طائرات إستطلاع بدون طيار كانت تقوم بمهام في سوريا وأن المخابرات الأميركية أفادت أن الإسقاط تم بفضل أسلحة روسية حديثة جدا ودعم لوجستيكي من طرف خبراء روس.

لأستكمال هذا التصور أشارت نفس المصادر إلى أن عملية التفجير في العاصمة السورية مشابهة لتلك التي تعرض لها الرئيس اليمني السابق عبد الله صالح يوم الجمعة 3 يونيو 2011 في صنعاء والتي رجح لاحقا أنها نتجت عن صاروخ انطلق من طائرة بدون طيار انطلقت من القاعدة الحربية المشتركة بين فرنسا والولايات المتحدة في جمهورية جيبوتي على الساحل الغربي لمضيق باب المندب.

مصادر رصد أوروبية لاحظت أن وسائل الاعلام التي تتبع سياسات إعلامية يمكن وصفها بالمساندة لتوجيهات واشنطن خاصة فيما يخص الحرب الطائفية، حرصت على تجنب الإشارة إلى أن إثنين من كبار المسؤولين الذين قتلا في عملية التفجير هما من السنة وان القتيل الثالث مسيحي في حين أن أصف شوكت هو الوحيد من الطائفة العلوية.

يوم 18 يوليو وفي تقرير يوضح مدى تلاعب بعض وسائل الاعلام بالحقائق، أكدت صحيفة لوفيغارو الفرنسية على موقعها الالكتروني ان الصحافي الفرنسي جيل جاكييه الذي قتل في 11 يناير 2012 قضى “بقذيفة اطلقها المسلحون المعارضون للنظام في حمص وكانوا يستهدفون فيها حيا غير خاضع لهم حيث كان” الصحافي موجودا.

واوردت الصحيفة هذه المعلومات نقلا عن “مصدر قريب من الملف في وزارة الدفاع في باريس”.

وأفاد المصدر وفقا “للوفيغارو” ان “التحليلات البالستية أي علم حركة المقذوفات والمعلومات الاستخبارية التي جمعتها مصادرنا على الأرض بعيد المأساة تشير الى ان جاكييه قتل بقذيفة هاون من عيار 81 ملم مصدره قوى متمردة”.

وردا على اسئلة فرانس برس، رفضت وزارتا الخارجية والدفاع الفرنسيتان الادلاء باي تعليق حول الموضوع.

من جهته اكتفى مصدر قضائي بالتأكيد لفرانس برس ان “المسار القضائي يتابع مجراه”. يذكر أن باريس كانت قد اتهمت القوات السورية النظامية بقتل الصحفي المذكور.

رهانات متضاربة

إذا كانت روسيا ومعها الصين وعدد من حلفائهما يرجحان خسارة الرهان الأميركي على ركوب حركة التحول في سوريا، فإن البيت الأبيض لا زال غير مقتنع بنجاح ما يمكن أن يسمى بالدرع الروسي الذي يحمي الرئيس الأسد. غير الملاحظين يسجلون أن تحالف “الناتو” يترك الباب مفتوحا لخط تراجع يمكن أن يشكل وسيلة لحفظ ماء الوجه حيث لا يشترط كالسابق تبديل النظام في دمشق.

صحيفة “حرييت” التركية كشفت يوم الجمعة 20 يوليو عن مقترحات قدمها رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان في لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لحل الأزمة السورية.

وجاء في “محضر” الموقف التركي: لن نتوقف عند اسم محدد في مرحلة ما بعد الرئيس السوري بشار الأسد، والشعب السوري هو الذي يحدد مستقبل سوريا. في المرحلة الانتقالية يمكن تشكيل هيئة حوار من أشخاص في السلطة تقبلهم المعارضة، ومن المعارضة تقبلهم السلطة، وهي التي تحدد آليات المرحلة المقبلة.

وفي صحيفة “ميللييت” التركية كتب سامي كوهين متسائلاً عما اذا كانت المرحلة المقبلة في سوريا ستكون مع الأسد أم من دونه. واعتبر أن “انفجار دمشق مؤشر على بدء مرحلة النهاية للأزمة في سوريا”.

وقدر الكاتب ان لقاء بوتين واردوغان “أثمر تطابقا حول وحدة الأراضي السورية وعدم التقسيم، لكن الخلاف هو هل يكون الحل مع الأسد أم من دونه؟ روسيا حتى الآن مع الأسد، ولكن ما يهم روسيا لاحقاً هو مصالحها، فإن تأمنت مصالحها مع النظام البديل فلا مانع لديها بالتضحية بالأسد. وهنا تقف تركيا والغرب إلى جانب تنحي الأسد والبدء بمرحلة انتقالية. وروسيا لن تضحي بالأسد ان لم تحصل على ضمانات كافية”. وينهي الكاتب بالقول إن “السؤال لم يعد مع الأسد او من دونه، بل متى سيذهب الأسد؟.

من جهته، قال رئيس حزب السلام والديموقراطية الكردي صلاح الدين ديميرطاش لرئيس الحكومة التركية إن “الرئيس السوري قاتل وانت أيضاً قاتل. الذي فعلته أنت في اولوديري حيث قتل 30 كرديا بماذا يختلف عن الذي فعله الأسد في حماه؟ لا يوجد أي فرق. الذي حصل في ساحة ديار بكر قبل أيام من قمع للمتظاهرين والتعرض بالضرب لنائبات كرديات من قبل الشرطة ما الذي يختلف عن القمع في سوريا؟ لا يوجد أي اختلاف”.

المطالبة بالتدخل المباشر والعلني

في واشنطن كما في موسكو ينكر المسؤولون أي تورط مباشر في الحرب على الأرض السورية، ولكن في العاصمة الأميركية تحذر عدد من الأوساط البيت الأبيض من خسارة المواجهة. فيوم السبت 21 يوليو جاء في تحليل من واشنطن للمحلل نيكولا ريفيز: “تجد الولايات المتحدة نفسها أمام خيار استراتيجي وحيد لا يزال متاحا أمامها بعد الفيتو الروسي الصيني في مجلس الأمن بشأن سوريا، ويتمثل بتعزيز دعمها لمسلحي المعارضة لكن خارج اطار الأمم المتحدة، وفق بعض الخبراء الذين لا يستبعدون تدخلا عسكريا أميركيا.

وعلى رغم تصاعد حدة النزاع في سوريا، استخدمت روسيا والصين الخميس حقهما في النقض للمرة الثالثة لعرقلة صدور قرار في مجلس الامن يهدد دمشق بعقوبات. وتعبيرا عن استيائها، وعدت واشنطن بالتحرك “خارج” اطار الامم المتحدة لدعم قوات المعارضة المسلحة ومحاولة وضع حد للحرب الاهلية.

واعتبر الباحث المتخصص في الملف السوري في مركز بروكينغز للابحاث سلمان شيخ ان على الولايات المتحدة “اتخاذ قرار واضح الآن: هل تدعمون المعارضة المسلحة أم انكم ستسمحون بهزيمتهم؟”.

واوضح الخبير “اننا في مرحلة فائقة الخطورة: النظام سيستخدم كل قوته النارية، خصوصا في دمشق وحلب، وثمة معركة طويلة ترتسم”، معتبرا ان “على الولايات المتحدة ودول رئيسية اخرى في مجموعة “اصدقاء الشعب السوري” تكثيف دعمها للمعارضة”.

ويقول شيخ ان “الولايات المتحدة لن تقحم نفسها علنا ربما في نقل شحنات اسلحة للمعارضة الا انها تستطيع القيام بالكثير للمساعدة، مع معدات للاتصال وللنشاط الاستخباري”.

وردا على سؤال بشأن الاستراتيجية الأميركية في سوريا بعد الفشل في الامم المتحدة، اعلن المتحدث باسم الخارجية الأميركية باتريك فنتريل ان الولايات المتحدة “ستواصل دعمها للمعارضة من خلال مساعدة غير قاتلة، انسانية، مع وسائل للاتصال والتنظيم”.

وعلى الصعيد الدبلوماسي، انتقدت السفيرة الأميركية في الامم المتحدة سوزان رايس “الفشل الكامل” لمجلس الأمن وتعهدت “تكثيف جهودنا مع مختلف الشركاء، خارج مجلس الامن، للضغط على نظام الاسد وتقديم المساعدة للذين هم بحاجة اليها”. وذكرت الخارجية الأميركية بان “الامم المتحدة ليست الا جزءا من استراتيجيتنا” بشأن سوريا.

وبرأي ريتشارد هاس رئيس “مجلس العلاقات الخارجية” الأميركي فإن على الولايات المتحدة والحكومات التي تشاطرها الرأي ألا يبحثوا عن “استنساخ تعددية الأمم المتحدة”.

وكتب هاس في مقال صادر عن مجلسه “عليهم على العكس اظهار ائتلاف دول من الحلف الأطلسي وبعض الدول العربية لتشديد العقوبات على سوريا، تعزيز المعارضة وبرمجة غارات على مخازن الأسلحة الكيميائية والتحضير لمرحلة ما بعد الاسد”.

الأسلحة الكيماوية

يوم الجمعة 20 يوليو ذكرت صحيفة “فايننشال تايمز” “إن المخططين العسكريين الغربيين منهمكون حالياً بالمساعي الرامية إلى منع استخدام الأسلحة الكيماوية من قبل النظام السوري أو تتعرض للسرقة على يد الجماعات المتطرفة”.

واضافت “أن القلق على مصير ترسانة سوريا من الأسلحة الكيماوية ظل مرتفعا بالولايات المتحدة وإسرائيل طوال أحداث الانتفاضة في البلاد”.

واوردت تقارير عن أن واشنطن وضعت خطة سرية لإرسال قوة تدخل إلى سوريا لتأمين تلك الأسلحة لمنع وصولها إلى حزب الله أو الجماعات المتطرفة.

وذكرت نقلاً عن مسؤول غربي لم تكشف عن هويته لكنها وصفته بالبارز “أن اتصالات جرت بين الولايات المتحدة وإسرائيل والأردن لوضع مثل هذه الخطة والتي ستنطوي على ارسال وحدات خاصة لتأمين ترسانة سوريا من الأسلحة الكيماوية”.

واشارت الصحيفة إلى أن كبار المسؤولين في بريطانيا والولايات المتحدة يشككون بامكانية تنفيذ أي خطة من هذا القبيل.

ونسبت إلى مسؤول أمني وصفته بالبارز أيضا، قوله “هناك بالتأكيد خطط لحالات الطوارئ تعد لها وزارة الدفاع الأميركية لكن التدخل سيكون صعباً للغاية، وسيصبح خيارا محتملاً في حال صارت الأمور سيئة للغاية”.

وقالت “فايننشال تايمز” إن أي تدخل خارجي لتأمين ترسانة سوريا من الأسلحة الكيماوية يحتاج إلى تدمير الدفاعات الجوية السورية، وإرسال عشرات الآلاف من الجنود بسبب تخزينها بالعديد من المواقع، واستخدام قنابل خارقة للتحصينات لكون المواقع محصنة ضد الغارات الجوية.

في غضون ذلك اجرى مسؤولون عسكريون أميركيون محادثات مع نظرائهم الاسرائيليين حول مخزونات الاسلحة السورية وامكانية شن اسرائيل هجوما عليها كما افادت صحيفة “نيويورك تايمز”.

وونقلت الصحيفة عن مسؤولين قولهم ان البنتاغون لا يؤيد عملا عسكريا إسرائيليا لأنه يمكن ان يساعد الرئيس السوري بشار الاسد على الحصول على دعم في مواجهة تدخل خارجي.

وقالت الصحيفة الأميركية ان توماس دونيلون مستشار الامن القومي للرئيس الأميركي باراك اوباما توجه إلى اسرائيل في نهاية الأسبوع الثاني من يوليو لبحث الازمة السورية.

وسط هذا الجدل دعا أعضاء في الكونغرس الرئيس باراك أوباما للتدخل في سوريا فورا للتأكد من سلامة هذه الأسلحة.

وقال السناتور البارز جون ماكين وهو جمهوري من ولاية أريزونا في مقابلة في تلفزيون “سي إن إن”: “كلما يستمر هذا الوضع، تزيد احتمالات أن الأسلحة الكيماوية التي خزنها بشار الأسد يمكن أن تصل إلى الأيدي الخطأ. أو يمكن أن يستخدمها نظام الأسد نفسه”.

لكن، في الجانب الآخر، عارض أعضاء ديمقراطيون التدخل، ودعوا إلى التمهل خوفا من تفاقم الوضع أكثر في سوريا وفي المنطقة. وقال السناتور جون كيري وهو ديمقراطي من ولاية ماساشوستس، “نعم، هناك قلق أكبر، لكنى أدعو إلى مزيد من اليقظة، والنظر في الخيارات المتوفرة”.

وكان وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا قد قال إن التحدي المتمثل في تأمين الأسلحة الكيماوية في سوريا ربما “أسوأ مائة مرة” من تأمينها في ليبيا خلال القتال. وقال إنه لا تزال هناك آلاف الصواريخ مفقودة.

تهديدات إسرائيل

موازاة مع الإعدادات الأميركية، قال وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك يوم الجمعة 20 يوليو ان إسرائيل تستعد لتدخل عسكري محتمل في سوريا اذا سلمت الحكومة السورية صواريخ أو أسلحة كيماوية لحزب الله اللبناني.

وقال باراك في مقابلة مع القناة العاشرة بالتلفزيون الإسرائيلي “أمرت الجيش بزيادة استعدادات المخابرات وإعداد ما هو ضروري حتى نكون اذا دعت الضرورة قادرين على دراسة تنفيذ عملية”.

واضاف “نتابع … احتمال نقل أنظمة ذخيرة متطورة لاسيما الصواريخ المضادة للطائرات أو الصواريخ أرض أرض الكبيرة لكن من المحتمل أيضا أن يجري نقل أسلحة كيماوية من سوريا إلى لبنان”.

وقام باراك يوم الخميس بجولة في مرتفعات الجولان التي احتلتها إسرائيل من سوريا في حرب عام 1967 والتي يمكنها من خلالها مراقبة التحركات داخل أراضي عدوها الشمالية رغم إنسحابها من أجزاء منها خلال حرب رمضان سنة 1973.

وذكر باراك ان القوات الإسرائيلية تستعد لمنع تدفق اللاجئين على أراض تسيطر عليها إسرائيل.

عمر نجيب