Header Ad

التصنيفات

حضارة الغرب مدينة للمسلمين

خالد شمت-برلين

أفردت مجلة دي تسايت الألمانية عددها الأخير لملف واحد حمل عنوان “الإسلام في أوروبا- 1300 عام من التاريخ المشترك” تناولت فيه سلسلة متنوعة من القضايا المرتبطة بتاريخ وواقع الوجود الإسلامي في أوربا قديما وحديثا، وكذا التأثيرات المتبادلة بين هذا الوجود ومحيطه الأوروبي على امتداد دول القارة العجوز عبر العصور.

ومن بين المواضيع المتعددة لهذا الملف، خصصت دي تسايت -المصنفة دورية ثقافية موجهة للنخبة الألمانية- ما يشبه استراحات أسمتها “ألف فكرة وفكرة”، تناولت فيها عددا من أهم الاختراعات والابتكارات التي قالت إن الحضارة الغربية المعاصرة مدينة للعلماء العرب والمسلمين.

الجبر والصفر
وتقول المجلة إنه لو كانت التقنية ممكنة قبل ألف عام لجاء اختراع الحاسوب من بيت الحكمة في بغداد “وليس من أي مكان آخر”، مذكرة بأنه “في القرن التاسع الميلادي ضم بيت الحكمة نخبة من أنبغ العقول العربية من العلماء الذين أسهموا في الارتقاء بالعلوم والمعارف الإنسانية إلى آفاق سامقة“.

وتشير إلى أنه كان لهؤلاء العلماء دورهم الرائد في تأسيس علم الجبر المنظم لإجراء العمليات الحسابية عبر رموز كبيرة لم تكن معروفة قبلهم، وكذلك فإن أوروبا “مدينة لهؤلاء العلماء المسلمين بالفضل في اكتشاف الصفر كوحدة حسابية قادت لاختصار كتابة الأرقام وتسهيل العمليات الحسابية، وكان الأوروبيون وقتذاك يحسبون باستخدام أعداد هائلة من الدوائر“.

وتقول المجلة إن اكتشاف الصفر كان ثورة كبيرة في علوم الرياضيات انتقلت آثارها إلى أوروبا من خلال طرق عديدة، جاءت إحداها نهاية القرن العاشر على يد بابا الفاتيكان سلفستر الأول الذي تعرف على الصفر وعلوم الحساب العربية أثناء دراسته بمدينة قرطبة الأندلسية، وبعد هذا بنحو قرنين ترجم عالم الرياضيات الإنجليزي روبرت فون شيستر كل نظريات ومؤلفات مؤسس الجبر العالم المسلم الخوارزمي إلى اللاتينية لتدرس في الجامعات الأوروبية.

النظارة
وفي موضوع آخر، تقول المجلة إنه “بلا جدوى أمضى الإغريق القدماء وقتا طويلا في التساؤل عن كيفية حدوث الرؤية، إلى أن جاء العالم العربي الحسن بن الهيثم بعد قرون وحل هذا اللغز باكتشافه أن رؤية جسم ما تنشأ نتيجة إرساله أشعة تمثل انعكاسا لأشعة الضوء الساقطة عليه إلى حدقة العين فتخترقها إلي الشبكية، لينتقل الأثر منها مكونا صورة للجسم المرئي في الدماغ“.

وسجل ابن الهيثم اكتشافه في القرن العاشر الميلادي في كتابه “المناظر” الذي ترجم عام 1572 إلى اللاتينية بعنوان “كنز البصريات”، ومثل هذا الاكتشاف الأساس الذي اعتمد عليه العلماء والباحثون الأوروبيون في إنتاج أول نظارة للعين في العصور الوسطى.

وينسب إلى ابن الهيثم -الذي يعد رائد المنهج العلمي الحديث القائم على الاستقراء والاستنباط- الفضل في اختراع الكاميرا ذات الثقب المسماة بكاميرا الغرفة المظلمة، كما سبق هذا العالم المسلم الكبير زمانه بقرون بمواظبته لسنوات على صقل العدسات الزجاجية وقياس قدرتها التكبيرية، وهو ما مهد بعد ذلك لاستخدام العدسات في علاج عيوب العيون، وفق المجلة.

الصنبور
وفي موضوع آخر، تقول المجلة إن تقنية عمل الصنبور ترتبط بشكل وثيق بتاريخ الحضارة الإسلامية. وبحسب المجلة “فقواعد نظافة أجسادنا والعناية بها اقتدينا فيها بالمسلمين”، وتضيف “في حين كان الغرب المسيحي في العصور الوسطي أبعد ما يكون عن النظافة، ضمت كل مدينة كبيرة بالشرق المسلم مئات الحمامات، وفي ذاك الشرق -الذي كانت فيه طهارة ونظافة البدن وصية إلهيةجرى لأول مرة قبل 1000 عام صنع صابونة من زيت الزيتون والرماد“.

أنظمة الري
وشهدت تلك الحقبة في القرن الثالث عشر اختراع المهندس المسلم الموهوب الجزري لآلة دقيقة لغسل اليد في صورة طائر يوضع فيه الماء فيخرج من فمه على شكل شريط صغير. وإلى جانب هذه الآلة البسيطة اخترع الجزري آلات أخرى أكثر أهمية وفائدة مما لم يكن معروفا قبله، وابتكر آلات ضغط المياه وضخها إلى الأعالي بكميات كبيرة وسواقي نقل المياه، ووظف تقنياته في استخدام المياه كطاقة لتشغيل طاحونة للحبوب.

وفي نهاية حقبة القرون الوسطى، استغلت أوروبا مخترعات المهندس المسلم الكبير في تطوير أنظمة لري الحقول وضخ المياه إلى الجبال وتوزيعها على المدن.

ووفق المجلة فإنه “في دولة الأندلس مكنت أنظمة الري الجديدة المسلمين من زراعة فواكه وخضروات آسيوية في قلب أوروبا، وما الخوخ والباذنجان -اللذان يعتقد الأوروبيون أنهما من منطقة البحر المتوسط- سوى فاكهة وخضار آسيوية يعود فضل معرفة الأوروبيين لهما إلى المسلمين“.