Header Ad

التصنيفات

هل يعدّ الأسد لقيام دولة علويّة بعد سقوط نظامه؟

  كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن خطط بديلة قد يلجأ اليها الرئيس السوري بشار الأسد للخروج من أزمة فقدانه السلطة في سوريا. ومن المرجح أن تكون آخر أوراقه هي سلخ الجزء الحيوي المتمثل في القسم الغربي من أرض سوريا ليعلن فيها إقامة الدولة العلوية ليبقى بشار الأسد رئيسا ومن بعده الطوفان.

   في الواقع، سبق أن استخدم هذا الحل السياسي من قبل، ففي عام ١٩٢٣ أعلنت فرنسا، وكانت دولة منتدبة، قيام الدولة العلوية في سوريا وعاصمتها اللاذقية. طبعا، لم يكتب لهذه الدويلة الحياة بسبب معارضة أطياف الشعب السوري كافة وفي مقدمتهم أبناء الطائفة العلوية بالذات لها، لكن الآن يعود الحديث عن الدولة العلوية بقوة كأحد ابرز السيناريوهات التي توفر لرئيس سوريا بشار الأسد وعائلته والمحيطين به ملاذا آمنا في حال خسارته معركة الاحتفاظ بالسلطة على كامل سوريا، فهل هذا الأمر قابل للتحقيق؟

يعبر محللون سياسيون كثر عن اعتقادهم أن المسألة الأهم التي تفرض نفسها على الساحة السورية في الوقت الراهن لا تتعلق بما إذا كان الرئيس بشار الأسد سيخسر العاصمة دمشق أم لا، بل إنها تتعلق وبدرجة أكبر بمتى سيفقدها، مشيرين إلى أن ورقة الأسد الأخيرة تتمثل في إقامة دولة علوية قد تغير في خريطة التاريخ الحديث.

   توضح ضراوة القتال الدائر في سوريا بين الموالين لنظام الاسد والثوار والمنشقين عن الجيش النظامي، أن الرئيس الأسد ليس لديه من النية ما يشير إلى التخلي عن السيطرة على العاصمة السورية دمشق بدون قتال، إلا أن مجريات أحداث الأسابيع الأخيرة من تفجيرات واغتيالات وانقسامات، أيضا قد تكون بمثابة القشة التي قد تقصم ظهر البعير، فقد دفعت هذه الأحداث بفرقة الجيش السوري الرابعة بقيادة ماهر الاسد شقيق الرئيس السوري بشار الأسد إلى البدء بشن حملة قمع شرسة سعيا لاستعادة السيطرة وإحكام قبضته على أحياء العاصمة من الثوار وجنود الجيش السوري الحر. في حين ان الثوار وافراد الجيش الحر سيقاتلون بضراوة بعدما سالت دماء الكثير من السوريين الابرياء.

   لكن خوفا من خسارة العاصمة، عمل النظام خلال الفترة الماضية على إعادة نشر قوات جلبها من الجولان وشرق سوريا من أجل تأمين العاصمة دمشق، فالسيطرة على العاصمة تبدو أمرا حاسما وبالغ الأهمية للأسد من أجل الحفاظ على التظاهر بأنه ليس مجرد أمير حرب علوي، وإنما تجسيدا لرئاسته الدولة. لكن هذا لا يمنع ان يكون في جعبة الرئيس الاسد في حال خسر دمشق خيارات عديدة ليس اقلها اعلان دولة علوية.

   تقسيم طائفي

   يرجح الكثير من المراقبين ان الرئيس السوري يخوض معركة خاسرة، ففي الوقت الذي تتصاعد فيه حدة أعمال القتال والعنف في سوريا عامة وفي مدينتي دمشق وحلب خاصة، يفقد النظام السيطرة على سوريا في الداخل وشمال شرقي البلاد ذات الأغلبية الكردية، فالمناطق التي تسكنها غالبية سنية من سوريا بدأت تخرج عن نطاق سيطرة الأسد، وحتى الآن ليس هناك من طريقة واقعية تمكنه من تأكيد سلطته هناك.

   ومع التقسيم الطائفي الذي بات واضحا في سوريا، ظهرت أنباء تفيد بوجود هجرة سكانية داخلية، وأن العلويين بدؤوا الانتقال عائدين إلى جبال أسلافهم، واشارت المعلومات إلى توارد أنباء أيضا تفيد أن الأسد قد انتقل إلى مدينة اللاذقية الساحلية، الأمر الذي يظل غير مؤكد في الوقت الراهن، تمهيدا لانتقاله إلى الجبل حيث قد يؤسس دولته العلوية.

   ولا شك أن العوامل الجغرافية والديمغرافية الموجودة في هذا البلد الممزق، ستدفع بالأسد عند نقطة ما إلى التخلي عن دمشق وتحصين نفسه في معقله العلوي، وكما حدث في لبنان، فإن هذا يمكن أن يؤدي إلى نشوب حرب أهلية فترة قد تكون طويلة في حال حدوث تدخلات خارجية، ذلك انه وقتها سيصبح دعم الرعاة الخارجيين وبالتحديد إيران وروسيا أكثر أهمية بالنسبة للأسد.

   وقد يجادل البعض بأن «جيبا علويا» سيكون مكشوفا وغير قابل للحياة والاستمرار على المدى الطويل، لكن لدى الأسد إلى الان بوليصة تأمين روسية إيرانية لحماية تراجعه، وهو لن يتخلى عن فكرة الاستمرار في الحكم في دولة علوية