Header Ad

التصنيفات

الصفقة، كانت هي الأكبر !

أكد المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية ألون ليئيل ان المحادثات السرية بين إسرائيل والرئيس السوري بشار الأسد قبل اندلاع الثورة السورية، كانت ترتكز على توقيع صفقة شاملة تتضمن تغيير طبيعة العلاقة بين سورية وإيران و«حماس» و«حزب الله».

وقال ليئيل الذي شارك في اتصالات غير رسمية جرت بين الجانبين السوري والإسرائيلي في لقاء خاص مع «الراي»: «ما يجري في سورية اصبح كحرب شرق اوسطية ان لم تكن حربا دولية. الحلف الذي سيفوز بهذه الحرب هو الذي سيقود سورية. ولا اعتقد أننا سنرى في العقد المقبل دولة سورية ذات سيادة ومستقلة»، مضيفا ان «الصراع الدائر حاليا في سورية يمنحنا مرتفعات الجولان إلى الأبد».
وفي ما يأتي نص اللقاء:
• كشف النقاب أخيراً ان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وافق على إجراء محادثات مباشرة مع الأسد وان إسرائيل كانت مستعدة للانسحاب الكامل من الجولان لقاء السلام الكامل، لكن تلك المفاوضات انتهت بسبب اندلاع الأزمة السورية ما مدى دقة ذلك وهل لك ان تكشف لنا المزيد في هذا الإطار؟

حسب معرفتي هذا صحيح وغير مفاجئ. فمنذ يناير 2004 كان الأسد يريد الحديث مع إسرائيل. وجاءت رسائله من مختلف الاتجاهات عبر الأتراك والسويسريين وأحيانا عبر الأميركيين. باستثناء 2009 بسبب الحرب في غزة، كل الإشارات كانت تشير إلى مفاوضات بغض النظر كانت رسمية أو غير رسمية لكنها لم تكن سرية.

وأنا غير متفاجئ لأنه في كل الأوقات كان الأسد يريدها. وهذا لا يعني انك قد تتفق حول كل شيء معه، لكنه في جميع الأوقات كان يريد المحادثات وحتى انه اراد التوصل لاتفاق. فالناس دائما هم الأشخاص أنفسهم. فعلى سبيل المثال فريد هوف كان منخرطا في صراعنا هنا مع الفلسطينيين والسوريين منذ العام 2000 عندما عمل مساعدا لجورج ميتشل في لجنة ميتشل الشهيرة. كما عمل في وزارة الخارجية الأميركية حتى قبل اسبوعين. وكانت تلك مهمته، حيث زار سورية وكان على اتصال مع الأسد والإسرائيليين.

واعتقد ان التغيير هذه المرة ما بين 2004 و2008 حيث دارت المحادثات حول الأمور الثنائية، حيث تم الحديث عن الحدود والمياه والتطبيع وجميع القضايا الثنائية وليست الإقليمية. أما ما بين 2004 و2006 كانت المحادثات غير رسمية، حيث كانت المحادثات على مسار ثئاني، وتم الكشف عن تناول قضية العلاقة مع إيران بعد الحرب اللبنانية الثانية.

وفي جميع الأحوال لم يكن بالامكان الحديث عن قضايا اقليمية مثل إيران ولبنان لأن السوريين قالوا اذا اردتم الحديث عن القضايا الإقليمية احضروا الأميركيين إلى الغرفة. وبدوره لم يسمح الرئيس الأميركي جورح بوش لأي مسؤول أميركي بالحضور إلى الغرفة. لهذا لم نتمكن من انجاز قضايا إيران ولبنان. والآن لم يعد الأميركيون فقط داخل الغرفة، وإنما يقومون باجراء المحادثات. لهذا، فإن القضايا مثل لبنان وإيران و«حزب الله» شكلت القضايا الأساسية. وشكل ذلك تغييرا كبيرا لأن الصفقة لم تشبه تلك التي انخرط فيها (ايهود) اولمرت حول الانسحاب من الجولان والحصول على علاقات طبيعية مع سورية، وانما كانت صفقة اشمل حيث تتضمن تغيير طبيعة العلاقة بين سورية وكل من إيران و«حماس» و«حزب الله».
ولهذا كانت صفقة اشمل، ومن المثير انها ليست المرة الأولى التي يقبل فيها نتنياهو الانسحاب من الجولان للمرة الأولى. لكن القصة الآن، ان احدا لا يريد الانسحاب من مرتفعات الجولان لانه لا يوجد من يأخذ تلك المرتفعات لأن الأمور تغيرت بشكل دراماتيكي.
• بحكم تجربتك كيف تتوقع انتهاء الثورة السورية؟
– أعتقد أنه لا توجد اي منظمة أو حزب أو فرد سوري قادر على قيادة سورية في العقد المقبل، لا الأسد ولا الثوار. ويمكننا التفكير بوضع ليبيا وما شابهه، لكنه اكثر فوضوية. واعتقد أنه لهذا السبب يتعين الإفتراض ان سورية لن تتمكن من ادارة امورها في العقد المقبل، ما يعني ان الحلف الذي سيقود البلاد هو الحلف الذي سيفوز في الحرب الدائرة ما بين الأسد والثوار.

فالأمور لم تعد بأن الثوار يقاتلون الأسد، فالأسد مدعوم من إيران وروسيا في حين ان الثوار مدعومون من تركيا واوروبا والولايات المتحدة. فالوضع اصبح كحرب شرق اوسطية ان لم تكن حربا دولية. والحلف الذي سيفوز بهذه الحرب هو الذي سيقود سورية. ولا اعتقد أننا سنرى في العقد المقبل دولة سورية ذات سيادة ومستقلة. فهذا سيستغرق وقتا، فالوضع لا يشبه الوضع في مصر أو تونس ولا حتى اشبه بالوضع في ليبيا، لانه في الحالة الليبية حسم الأمر بانتصار الثوار. لكن هنا، المسألة أشبه بالتعادل، واعتقد انه في النهاية ستتم الإطاحة بالأسد، واذا لم تتم الإطاحة به سيتحول إلى ما هو أشبه برئيس بلدية دمشق أو المنطقة العلوية.

وأعتقد ان كلا من روسيا وإيران ستتفهمان تدريجيا بأنهما يراهنان على الحصان الخاسر. وبرأيي ان الأمر سينتهي بانتصار التحالف التركي – المصري – السعودي الذي سينشأ هناك. وما زلت لا أدري كيفية ظهور القيادة السورية المستقبلية واذا كانت سورية ستبقى دولة واحدة. لكنني اتنبأ بأن التحالف التركي – المصري الذي يجرى بناؤه الآن، وهو التغيير الأكثر دراماتيكية في الأشهر القليلة الماضية، سيقوم بإدارة سورية في المستقبل.

أما الاعتقاد بأن إيران ستقوم بإدارة سورية فهو ما سيشكل كابوسا بالتأكيد لإسرائيل وللمنطقة أيضا. واعتقد ايضا ان هذا التحالف بين تركيا وإسرائيل سيكون تطورا ذا معنى كبير. وأنصح بتناول مقالة نشرت قبل يومين أو ثلاثة في «نيويورك تايمز» حول التحالف التركي – المصري، حيث ستقوم تركيا بمنح مصر ملياري دولار في شكل مساعدات.

وهذا اكثر مما يقدمه الأميركيون الذين بدأوا بثلاثة مليارات وخفضوا المبلغ إلى 1.6 فتركيا تقدم مساعدات لمصر اكثر من الولايات المتحدة، وهذا تطور مدهش. وفي الأسبوع الماضي قام الجيشان التركي والمصري بمناورات مشتركة. وهذا أمر لا يصدق، فقبل عشر سنوات قام الاتراك بمناوراتهم العسكرية معنا، والان يقومون بها مع مصر. وكما تعلمون كان في الماضي لكل من تلك الدولتين طموحات بقيادة المنطقة، والان فهما تعملان معا. ولا تنسوا ان (الرئيس المصري محمد) مرسي ذهب إلى انقرة في الأسبوع الماضي ليس في زيارة رسمية، وانما لحضور مؤتمر حزب (رئيس الوزراء رجب طيب) اردوغان، ما يعني انه (مرسي) يقول إن هذا هو نموذجي، وباعتقادي ان ذلك يشكل تطورا مهما سيؤثر على مجريات الأمور في سورية، لأن الإيرانيين يدركون أن عليهم أخذ التحالف التركي – المصري في الحسبان.
• هل تعتقد ان الحرب بين الأسد والثوار ستتسع؟ وهل تعتقد ان لديه المزيد من الوقت بعد ان اصبح الثوار يسيطرون على اجزاء من دمشق؟
– أعتقد انه يسيطر جغرافيا على معظم مناطق دمشق، ولربما بعض المناطق الإضافية على الساحل، لكنه لا يسيطر على جميع البلاد. وأعتقد ايضا انه فقد دعم نحو ربع المؤسسة الأولى. وما زال يسيطر على دمشق ومؤسساتها الموالية له والتي ما زالت تعمل، اضافة إلى معظم الأجهزة الأمنية. لكن، هذه الحرب مستمرة منذ عام ونصف العام. وهو يحصل على الدعم من روسيا وإيران، لكن الأمور ستصبح اكثر صعوبة بالنسبة لهما لمواصلة تزويده بالدعم، ولهذا فهو لن يحافظ على القوة نفسها التي يتمتع بها. أما الثوار فليس لديهم اي شيء كجيش، لكنهم يتمتعون بالكثير من الدعم، حيث انه من السهل تزويدهم بالدعم الذي مصدره فرنسا وبريطانيا وتركيا والولايات المتحدة.
كما انه من السهل تزويدهم بالدعم عبر الحدود التركية، ولهذا اعتقد ان ميزان القوة سيتغير تدريجيا لصالح الثوار. ومرة اخرى، فإنه في غضون بضعة اشهر سيستنزفان قوى بعضهما البعض، وسيعتمدان كليا على القوى الخارجية. كما ان الدولة في وضع قلق، حيث لا توجد دولة ولا اقتصاد وتنعدم امكانية جباية الضرائب، فمن اين سيتم جمع الأموال لدفع ثمن السلاح. وبرأيي ان المواطنين الذين قتلوا هم سوريون، لكن القوات التي تحارب ليست سورية بعد الآن. فالقتال الآن يدور بين قوات خارجية على الأراضي السورية وبضحايا سوريين. وهذا يذكرني قليلا بالحرب في اسبانيا العام 1936 عندما كان هناك ديكتاتور وقوات ديموقراطية وفاشيون من جميع انحاء العالم كانوا يتقاتلون على الأراضي الإسبانية. وبالمناسبة، ارى بوجود حرب ايديولوجية حتى وان لم تبدأ كذلك. واليوم اذا نظرت إلى التحالف التركي – المصري – القطري ولربما السعودي، وفي الوقت نفسه نظرت إلى الجانب الآخر إلى إيران والعراق لأن العراق يقف إلى جانب إيران اليوم والى «حزب الله» المدعومين من روسيا، فهذه حرب ايديولوجية تدور حول مستقبل الربيع العربي أو الربيع الإسلامي.
فإذا ربحت القوى المصرية والتركية هذه الحرب فسيحاولون بناء دولة اسلامية في سورية تكون اكثر تدينا وأكثر ديموقراطية ايضا مثل النموذجين المصري والتركي. واذا ربحت تلك المعركة القوة الأكثر اعتدالا أو الأكثر ديموقراطية، وعليه ستكون الأمور حاسمة بالنسبة لجميع دول الربيع العربي. لهذا ارى حربا ايديولوجية. وعادة في إسرائيل كنا نعتقد أن للمسلمين اما ايديولوجية شيعية أو سنية، لكن لدينا هنا ايديولوجية لها تأثير كبير على قضية الديموقراطية.

• هل تعتقد أن الأمور ستختلف بعد الانتخابات الأميركية، علما أن غالبية التيارات الإسلامية تتشكل من إما «الإخوان المسلمين» أو السلفيين، ولهذا السببب، فإن الأوروبيين والأميركيين لا يشجعون نظاما شبيها بالمصري في سورية؟

– هنا في إسرائيل، وحتى نصف سنة مضت عندما كنت تقول «اخوان مسلمين» كان يعني ذلك القاعدة. والآن فجأة قد تقول ان السلفيين قد يكونوا اكثر سوءا. حيث اننا لم نكن نرى الفارق بين الألوان الإسلامية المختلفة
.
• أفهم من ذلك ان الإسرائيليين لا يميزون بين الإسلام والإخوان و لا يفهمون الإسلام؟
– هذا درس لا يصدق، لأنه في السنوات العشرين الماضية كنت في تركيا وعشت فيها مرارا. وعندما تسلم اردوغان السلطة، رأيت في ذلك شيئا ايجابيا لتركيا لأنه ربط القيادة بالجماهير. فالقيادة في تركيا والتي كنا نحبها كثيرا وكانت تحبنا، كانت مرتبطة بـ 25 في المئة من السكان. أما أردوغان فقد أحدث تواصلا بين القيادة مع 60 في المئة أو 70 في المئة من السكان واصبحت القيادة اكثر اصالة والبلد اكثر ديموقراطية. وذات الشيء ينطبق على مصر، حيث ان حسني مبارك كان يمثل 10 في المئة في حين ان مرسي يمثل 60 في المئة. لهذا اعتقد انه في حال النظر بصورة عامة على العملية في سورية من قبل تركيا ومصر، فهما ستقومان بالتدريج ببناء القيادات التي ستتبع نموذجهما. اما المتطرفون فلن يتبعوا هذا النموذج، فهم يؤمنون بالشريعة وسيبحثون عن القيادات التي تتبع نموذجهما. وبالمناسبة اعتقد ذات الشيء بالنسبة للفلسطينيين. فاذا كان الأمر يتعلق بـ «حماس» فعليها ان تكون ديموقراطية وان تكون «حماس» مختلفة. وباعتقادي فإن اردوغان الذي يعتبر قياديا براغماتيا واقتصاديا، فهو ايديولوجي إلى حد كبير. ولا اظن انه يريد غزو الشرق الأوسط، لكن أرى أنه يريد تصدير النموذج التركي إلى الشرق الأوسط، وبرأيي حققت تونس نجاحا في ذلك.
فالفريق التركي سيسعى إلى اقتفاء اثر القيادات المتدينة لكنها تؤمن بهذا التزاوج بين العصرنة والاسلام والديموقراطية والإسلام. لقد نشرت كتابا قبل عشر سنوات اسميته «ديمواسلام» الإسلام الديموقراطي، لأن هذا هو النموذج الذي بني هناك، وهذا هو النموذج الذي ستتم محاولة تصديره إلى المنطقة.
• ألا ترى انك تخلط بين الديموقراطية، والشورى رغم الاختلاف بينهما لكن تتمحور حول الفكرة نفسها؟
– لا فهذه ليست الديموقراطية البريطانية، وانما تعني الديموقراطية الشرقية. وهذا نوع مختلف من الديموقراطية. ولكن حتى اردوغان فهو ليس ديموقراطيا بنسبة 100 في المئة فانظر ما يفعله مع الصحافة من حيث اعتقال الصحافيين وغيرها. لكنه اكثر ديموقراطية من العسكر ومن النظام الذي ارتكز إلى الجيش لغاية قبل عشر سنوات.
• هل إسرائيل دعمت أو تدعم بقاء النظام السوري؟
– عندما كنا منخرطين في محادثات غير رسمية مع سورية، وجدنا في بداية العام 2007 مجتمعا سلميا إسرائيليا تجاه سورية، لكن عندما بدأنا العمل مع الجمهور، اكتشفنا مباشرة ان الجمهور الإسرائيلي يعشق مرتفعات الجولان. وهذا الأمر يختلف عن الضفة الغربية. ففي الضفة الغربية يؤمن بعض الإسرائيليين بالضفة من الناحية الدينية وهناك من يعتقد أن علينا الخروج منها، لكنني مع هذا لا أعتقد ان الإسرائيليين يعشقون الضفة الغربية وإنما يعشقون مرتفعات الجولان. فهي تشكل مكانا سياحيا وتمنحك أمنا وهي أراض شاسعة بالنسبة للإسرائيليين. وفي جميع استطلاعات الرأي التي أجريناها، لاحظنا ان 70 في المئة من الإسرائيليين غير مستعدين للانسحاب من مرتفعات الجولان حتى من أجل السلام الحقيقي مع سورية. وكل قائد انخرط في مفاوضات مع سورية كان عليه ان يتذكر ذلك.
ففي عام 2000 عندما كان باراك على وشك التوقيع، أجرى استطلاعات للرأي وأدرك أنه يرتكب عملية انتحار. فمن غير اللائق القول الآن، لكن العنصر الأساسي في التفكير الإسرائيلي، وحتى وان لم يعترف الشعب بذلك، فان الصراع الدائر حاليا في سورية يمنحنا مرتفعات الجولان إلى الأبد.
فهذا هو التفكير لأنه لا يوجد شخص ليطالب بمرتفعات الجولان في المدى المنظور وحتى لربما في العقد المقبل. واذا بقي الأسد وطالب اي حكومة إسرائيلية بإعادة الجولان في غضون خمس أو عشر سنوات، فإن نحو 7 أو 8 ملايين إسرائيلي سيبدأون بالضحك وسيقولون له مع كل جرائمك التي ارتكبتها لا تستحق حتى المطالبة بمرتفعات الجولان.
ومن هذه الناحية اعتقد ان ذلك صحيح، حتى وان كانت هناك حكومة مستقرة في سورية في العشر سنوات المقبل وبقيت سورية موحدة، فإن فرص سورية بالحصول على مرتفعات الجولان هي ضئيلة جدا. والكثير من الإسرائيليين سيقولون في غرف نومهم بأنه كان تطورا عظيما بالنسبة لنا. والشيء الوحيد الذي قد يثير قلق إسرائيل هو فوز إيران بهذه المعركة الدائرة بين التحالفين.
فإذا فازت إيران وبقي الأسد واستسلمت مصر وتركيا، فهذا يعني أن إيران ستصبح على الحدود وليس في شكل «حزب الله»، حيث ان القوى الإيرانية ستقوم عمليا بادارة سورية. فوجود الإيرانيين على الحدود يشكل وضعا تهديديا. وحتى حينها ايضا لا يمكنهم المطالبة بمرتفعات الجولان. وأرى أن المواطن الإسرائيلي الاعتيادي يعتقد أنه تمت حماية الجولان. وبالدرجة نفسها، نجد تفكير بعض الإسرائيليين بأنه تمت حماية الضفة الغربية بسبب الخلاف بين «فتح» و«حماس»، حيث يتساءل البعض لماذا نعطي الضفة الغربية إلى ابو مازن وماذا بشأن «حماس»؟ فهذا هو التفكير السائد وسط معظم الإسرائيليين.
فأولا حظونا بالجولان، وهؤلاء الأغبياء امثال باراك وغيره كاسحق رابين الذين ارادوا اعادة مرتفعات الجولان، قد ارتكبوا اخطاء فادحة حيث انظروا اليوم فلا احد يطالب بمرتفعات الجولان. فهذا تطور مدهش. وباعتقادي ان إسرائيل التزمت الصمت خلال العام الأول من الصراع بسبب المحادثات التي اجريت مع الأسد كما انه جاء انطلاقا من الاحترام للأميركيين الذين كانوا يسعون لانجاز المحادثات التي لا أحد كان يعلم بها.
وبرأيي انه على مدار العامين الماضيين لم يقم الأميركيون بفرض الضغوط على نتنياهو في الشأن الفلسطيني لأنهم كانوا يأملون بانهاء المفاوضات على الجانب السوري. والآن أرى أن الجميع في إسرائيل يدركون ان الأسد لا يمكنه البقاء رئيسا هناك. وعلى اي حال فنحن لسنا ذوي صلة كوننا الدولة الأقوى في المنطقة. وهناك الكثير من الإشاعات عما نمتلكه في ديمونا. ونحن الدولة الأكثر تكنولوجية ولها الاقتصاد الأكثر تطورا في المنطقة. وهناك حرب شرق اوسطية ولا يمكننا أن نكون جزءا من التحالفات. وحتى المعتدلون لا يقتربون للمسنا. وأي تحالف ننضم اليه سيؤدي إلى خسارة الحرب. فنحن خارج كل ذلك ولا يمكننا التأثيرعلى التطورات في سورية.
وظهرت بعض التصريحات في الأشهر الثلاثة الأخيرة من نتنياهو وليبرمان بأن على الأسد الرحيل. لكن مع وجود هذه التصريحات فنحن لا نشارك في هذه اللعبة. واذا اكتشف احد ما أننا نزود المعارضة بالسلاح فيشكل ذلك انتصارا كبيرا للأسد الذي يدعي أن قوات خارجية تدعم الثورة.
إسرائيل لا يمكنها التأثير في ما يحدث. ونحن قمنا بمناورة وموقفا بطريقة عزلته إلى درجة كبيرة، حيث اننا خارج الحرب الإقليمية كونها لا تمتلك أي مظاهر إسرائيلية، حيث تدور رحاها حول المعارك الأيديولوجية في العالم الإسلامي. وعليه، فإسرائيل غير مؤثرة في هذه الحرب
.
• هل يمكن للأسد ضرب وهز المنطقة في حال تعرض سورية لعدوان غربي؟
– لا أعتقد ذلك، حيث ان التدخل في دولة اسلامية يشكل انتحارا. لكنني أعتقد أنهم سيقومون بكل الجهد للحديث مع الأسد لكنهم سيتجنبون غزو دمشق. ولا اعتقد ان اي قوات غربية ستدخل فعليا. فالثوار هناك ودعمهم قد يحدد مستقبل تلك الحرب. فهم يحظون بالتدريب ويحصلون على المزيد من السلاح الجديد والذخيرة
.
• هل لديكم في إسرائيل اي فكرة عن الثوار وانتماءاتهم؟
– بالطبع نعلم. فالثوار يشكلون تحالفا من العديد من العناصر، ولهذا السبب اقول إن قوة واحدة من الثوار لا يمكنها ادارة سورية في المستقبل. فلديك المزارعون والقبائل التقليدية والاسلاميون ونشطاء حقوق الإنسان والأكراد. وبالمناسبة، رأينا اسماء القيادات السورية الذين أسسوا المجلس الوطني السوري، فهو يتشكل من خليط، لكن قوة الإسلاميين آخذة في النمو بشكل اكبر، لأن بعض نشطاء حقوق الانسان تخلوا عن الأمر وحتى أن بعضهم استقال. ونحن ندرك ان الإسلاميين اكثر صبرا واكثر تنظيما، لكن الحالة لا تشبه الحالة المصرية. فلا يشكل الاسلاميون النسب نفسها كما الحال في مصر. ولربما قد يحضر البعض من الخارج. واعتقد ان الثوار يعتمدون كثيرا على الخارج في كل شيء من حيث المال والسلاح والتوجيه. وإذا ربحوا الحرب، فإن القوى الخارجية التي ابقتهم على قيد الحياة والتي عليها ان تبقيهم على قيد الحياة في المستقبل، والا فإن الخراب سيعم البلد، حيث انه في غضون نصف عام لن تكون هناك سورية.
هناك حاجة لإعادة بناء كل شيء. فالقوى الخارجية التي ستربح الحرب ستؤثر على شكل القيادة السورية حتى انها لربما ستختار تلك القيادة. وقد تكون هناك احيانا اخطاء. فانظروا إلى القيادة التي اختارتها الولايات المتحدة في العراق. واذا كان الفائز التحالف التركي – المصري – السعودي – القطري، فلن يرتكب الأخطاء الأميركية نفسها. وفي النهاية ستكون لهم قدرة افضل على ادارة سورية عما كان الحال بالنسبة لأميركا في العراق.
• هل تعتقد ان الاخوان والسلفيين ممكن ان يسيطروا على سورية كما حدث في مصر؟
– هناك مغزى لما تقوله، لكن لا تنسى بن للاسلاميين واليساريين هدفا مشتركا هو التخلص من الأسد. واعتقد ان الجميع يدرك أنه في حال رحيل الأسد فان الحرب الداخلية ستنتهي. وبعدها يبدأون بتشكيل الأحزاب ويذهبون إلى الانتخابات لرؤية ما الذي سيحدث. ومن الطبيعي ألا يقوم الغرب بدعم السلفيين، لكن الفكرة كما هو الحال في السيناريو المصري، فعندما تزيل مبارك سياسيا تتغير مجمل اللعبة بحيث تم إجراء انتخابات ديموقراطية. ولا احد يقول الآن ان الانتخابات في مصر لم تكن ديموقراطية. وكذا الحال بالنسبة لتركيا وتونس حيث لا يدعي احد بأنها لم تكن ديموقراطية. ولا تنسى كيف كانت عليه الانتخابات في عهد مبارك وفي عهد الأسد. وعند ازالة الأسد سيكون الشعب مختلفا حيث سيذهب لبناء الديموقراطية وإقامة الأحزاب وبناء الدستور والذهاب للانتخابات.
وبرأيي ان الغرب سيقوم بذلك بشكل افضل كما ان مصر وتركيا ستجلسان مع الإسلاميين الذين لربما ينتهي المطاف بهم في إدارة البلاد وفقا لمعايير عصرية واعادة بناء البلد على اسس ديموقراطية. وبالمناسبة في غضون أيام ستمر مناسبة مرور عشرة اعوام على وجود اردوغان في السلطة بتركيا، حيث فاز بالانتخابات الأولى في 2002/11/3. وقد استغرقه الأمر ما بين 7 أو 8 سنوات حتى يستبعد الجيش من السياسة، فهذه عملية طويلة. أما في سورية فستكون العملية طويلة لكن الأمر يعتمد على من سيكون فعليا يسيطر على سورية. فاذا كانت القوى المصرية – التركية – القطرية، فأعتقد اننا نتجه صوب ائتلاف أو قيادة قد تكون متدينة، وعلى الأرجح ان تكون كذلك، لكنها ستكون أكثر ديموقراطية.
• ماذا عن الأسلحة الكيماوية، حيث قال الأميركيون ان الأسلحة الكيماوية تحت السيطرة. وبعضها قد يذهب إلى لبنان، وقبل اسبوع وصلت مجموعة من القوات الخاصة الأميركية إلى الأردن للتدخل لحماية تلك الأسلحة. فما معلوماتك بهذا الشأن؟
– حسب تفكيري ان على الغرب احداث تغيير، فقبل بضعة اسابيع قال لنا الأميركيون أن الأسد هو الذي يشكل الخطر وليس الثوار. فكلما ضعف موقفه سيصبح اكثر خطورة من الثوار، فماذا يعني السيطرة على تلك الأسلحة. فإذا كان على حافة القتل، يمكنه استخدام تلك الأسلحة.
وأعتقد ان السيناريو الأخطر هو سيطرة الأسد على تلك الأسلحة عندما يكون في مرحلة الخسارة. وشيء آخر حول الأسد، وعلى الرغم من ان بعض مسؤولي الأمم المتحدة قالوا لي انني قد اكون مخطئا، إلا انني اعتقد أنه عندما تسلم كوفي انان مهمة الأمم المتحدة في حل النزاع في سورية، كان يريد بناء معادلة لاقامة ائتلاف بين الأسد والثوار برئاسة الأسد. وعندما التقيت بمسؤولي الأمم المتحدة اخبرتهم بأن ذلك ليس خطأ فقط وانما سيكون مرعبا للأمم المتحدة اذا تمكنت من الإبقاء على هذا الشخص في السلطة. والآن تسلم الأخضر الإبراهيمي المهمة، وآمل إلى درجة كبيرة وقد اوصلت له هذه الرسالة، حيث اننا نتمتع بالصداقة عندما كان في جنوب افريقيا للإشراف على اول انتخابات ديموقراطية وكنت اعمل حينها سفيرا لإسرائيل. فكنا على اتصال ولم نكن اصدقاء حميمين وانما على الأقل كنا على اتصال. فهو جزائري كان على استعداد ان يقيم اتصالا مع سفير إسرائيلي، حيث لم يكن الأمر يصدق آنذاك.
فإذا حاول مرة اخرى التوصل لوقت اطلاق النار يبقى على الأسد، فلن ينجح ذلك، وسيكون الأمر مخزيا للأمم المتحدة. وبرأيي أن على الغرب ازالة كل السيناريوات التي تبقى على الأسد لاعبا وحاكما، حيث يمكنه البقاء زعيما لعشيرة العلويين، لكن يجب الا يتفاوضوا معه حول اي شيء يبقيه على رأس اي ائتلاف مستقبلي. واعتقد ان الرئيس الأسد يشكل حاليا الخطر الأكبر. لا أعلم من قتل بالأمس في لبنان، لكن عندما تكون في ورطة فانك تذهب لارتكاب امور لا تصدق.
وعند الحديث عن الأسلحة الكيماوية فأنا اخشى ان يقوم الأسد باستخدامها وليست أي قوى اخرى يمكن ان تسيطر عليها. وأعتقد أن جميع القوى التي تحارب الأسد تتمتع بالمسؤولية اكثر منه. ومع اننا اعتدنا أن الأسد الأب والأسد الابن هما المسيطران، لكنه لا يسيطر الآن كونه يحارب من أجل الحفاظ على وجوده. وأعتقد ان الهدف يجب ان يتمحور حول ازالة تلك الأسلحة وليس نقلها من جانب لآخر.
• ماذا عن العلاقة المعقدة بين سورية وإيران. فلو ان الولايات المتحدة اقدمت على مهاجمة إيران بعد الانتخابات الأميركية، فهل تعتقد ان الوضع سيسوء وهل ان خريطة سورية ولبنان ستتغير وستكون الأمور اكثر صعوبة، حيث ان الشيعة يتواجدون في العراق وإيران وفي الخليج، وفي حال حدوث ذلك فهل ستشتعل المنطقة برمتها؟
– اولا علينا الانتظار لنرى من سيكون الرئيس اوباما أم رومني. فهما يمثلان ايديولوجيتين مختلفتين ليس فقط حول التأمين الصحي في الولايات المتحدة وإنما في ما يتعلق بالشرق الأوسط والقضية الفلسطينية وبالتأكيد إيران. فرومني يحمل تفكير نتنياهو نفسه بالنسبة لإيران. وبالنسبة لسورية وإيران، اعتقد انه في اللحظة الراهنة، فإيران هي الدولة الوحيدة التي ترغب في بقاء الأسد. أما الروس فلهم مصالح بالإبقاء على قواعدهم هناك. فإذا سمح لهم الثوار بالإبقاء على قواتهم هناك، فلا اعتقد انهم يهتمون كثيرا بالمستقبل الشخصي للأسد أما الإيرانيون فهم معنيون ببقائه، لأنه سيكون دمية إيرانية بنسبة 100 في المئة لأنه سيفعل كل شيء لهم. وإذا كان في القيادة سيعني ذلك ان إيران تقود البلاد، وسيحاربون من أجله حتى النهاية. والسؤال ما الذي سيحدث اذا تمت ازالته، وكيف سيتصرفون وما الذي سيحدث بين الغرب وإيران في حال فوز رومني، وأعتقد أن إيران ستهاجم في غضون شهر بعد تسلمه مهام الرئاسة. وفي حال بقاء اوباما، فأنا غير متأكد من وقوع هجوم على إيران. فنحن لا نسيطر على الأمور وعلينا الانتظار لنرى من سيكون الرئيس ومن سيكون رئيس الوزراء هنا (في إسرائيل) ايضا