Header Ad

التصنيفات

وثيقة أميركية سرية وخطِرة

إعادة فكرة الانتداب والوصاية بأسلوب عصري وأميركي هو ما احتوته وثيقة سرية جرى تسريبها مؤخراً إلى بعض وسائل الإعلام، وتقضي بتعيين مندوب أمني أو أكثر في العديد من دول العالم بهدف صياغة نظامها الأمني ومتابعته.

وثيقة سرية “… أعدها ثمانية من الخبراء الأميركيين بناء على طلب الرئيس الأميركي جورج بوش… الوثيقة الخطيرة تحمل عنوان “استراتيجية العمل الجديدة لمنطقة الشرق الأوسط” وقد خضعت تلك الوثيقة قبيل إعدادها لعدة مراحل، أولها بحث التوجهات العامة للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط في السنوات الخمس المقبلة،وثانيها بحث التوجهات الجديدة والعلاقة بين مختلف القوى الدولية والإقليمية لمدى إمكان توافق هذه التوجهات الجديدة للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط مع هذه القوى، وثالثها تقارير معلوماتية ومحددة سلفاً من الخبراء تم طلبها من سفراء الولايات المتحدة في دول المنطقة، حيث قدم هؤلاء السفراء أكثر من 40 تقريراً معلوماتيا حولالأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتقارير نفسية، وأخرى عن اتجاهات الرأي العام العربي ودور مؤسسات المجتمع المدني، والأوضاع العسكرية وغيرها من الموضوعات المتخصصة.

وتعتبر الوثيقة السرية أن مكافحة ما تصفه بالإرهاب القادم من الشرق الأوسط تتطلب عملاً دائماً، وأن تقتنع الشعوب العربية بأن الولايات المتحدة جادة في شن حرب فعالة ضد “الإرهاب” وأن هذه الحرب الفعالة ستكون لها أذرع طويلة سوف تمتد إلى داخل بلدان الشرق الأوسط من أجل القضاء على تلك الجماعات “الإرهابية” وحصر نشاطها وتجفيف منابعها.

وستشهد السفارات في إطار الاستراتيجية الجديدة تزويدها بفريق أمني متكامل من المخابرات المركزية الأميركية والمباحث الفيدرالية، بالإضافة إلى مكاتب أمنية متخصصة سيتم إنشاؤها في البلدان العربية، حيث سيكون من مهام هذا الفريق الأمني الاطلاع على الملفات الأمنية الداخلية في هذه البلدان، وتحليل وتقويم المعلومات الواردة في هذه الملفات، ومتابعتها مع الأجهزة الأمنية لهذه الدول، في حين تقوم المكاتب الأمنية المتخصصة بعمل التحريات الأمنية اللازمة، وكذلك إجراء التحقيقات مع بعض الشخصيات المطلوبة، أو حضور التحقيقات التي تجريها الأجهزة الأمنية الوطنية مع هذه الشخصيات المشتبه في أنها تعد أو تخطط أو تقدم على سلسلة من العمليات “الإرهابية“.

حق التعقيب لأميركا

وتورد الوثيقة الأميركية مضمونا يقول “إننا ندرك أن نشاطنا الأمني وحده غير كافٍ لمنع العمليات الإرهابية، أو ازدياد نشاط هذه التيارات الإرهابية، بل إن هذا النشاط الأمني قد يؤدي إلى إثارة حساسيات وطنية في داخل هذه البلدان، وما يترتب على ذلك من إثارة التساؤلات عن العلاقة بين أجهزة الأمن الوطنية في هذه الدول وبين الأجهزة الأمنية الأميركية، خاصة أنه من المفترض في المرحلة القادمة أن يكون هناك حق “التعقيب” للأجهزة الأميركية.

وتشير الوثيقة بهذا الصدد إلى أخطر مفهوم يتعلق بحق “التعقيب” الذي يعني أنه إذا انتهت الأجهزة الأمنية الداخلية من استجواب المشتبه فيهم وأطلقت سراحهم، فإن الجانب الأميركي قد يطلب إعادة القبض عليهم، ويظلون محبوسين لحين تقرر الأجهزة الأمنية الأميركية إطلاق سراحهم، وهذا يعني أن أي مشتبه فيه بالأعمال “الإرهابية” قد يواجه بقرارات أميركية غير وطنية تلزمه بأن يظل رهن الاستجواب والاعتقال لفترات زمنية طويلة، كما يتضمن حق التعقيب إجراء التحقيق وتوجيه الأسئلة بمعرفة الأجهزة الأمنية الأميركية، في حين ستلتزم الأجهزة الأمنية الداخلية بحضور التحقيقات دون أن يكون لها حق الاعتراض على هذه الإجراءات.

ويضاف إلى ذلك أن حق التعقيب يتضمن أيضاً الطلب من الأجهزة الأمنية الوطنية القبض على أشخاص جدد ومتابعتهم وملاحقتهم قضائياً، وأنه بعد أن يتم ذلك تتولى الأجهزة الأمنية الأميركية إجراء التحقيقات اللازمة مع العناصر المقبوض عليها.

حكاية السيادة وما أدراك ما

وتورد الوثيقة أن الدول الصديقة يجب أن يتأكد لديها اليقين أن تلك الإجراءات لا تهدف إلى الإخلال بالسيادة الوطنية، أو التدخل في شئونها الأمنية الداخلية، وإنما هدفها الرئيسي هو المزيد من التعاون الأمني بين دول العالم من أجل مكافحة الإرهاب، أما الدول التي سترفض التعاون مع الولايات المتحدة في هذه الإجراءات فستعتبرها أميركا من الدول الداعمة لنشاط الإرهاب الدولي، وستوقع عليها عقوبات دولية، وسيواجه أي نشاط ينطلق منها بالحزم والقوة التي قد تصل إلى حد الخيار العسكري.

وتؤكد الوثيقة أنه على الرغم من أن هذا النشاط الأمني سيكون متعددا مع الأجهزة الأمنية الوطنية، إلا أن هناك نشاطا آخر مماثلا يتعلق بدعم وإنشاء جماعات ضغط موالية للسياسة الأميركية في هذه الدول، وأن يكون أحد أغراضها الأساسية مقاومة تيارات التعصب والانحراف الديني والإرهابيين المنخرطين في إطار جماعات منظمة، أو تقديم المعلومات والتحليلات عن خارطة القوي السياسية تفصيلا في داخل هذه المجتمعات، وآثار نموها المستقبلي.

وتشير الوثيقة إلى أن المصلحة الأميركية تحتم التخلي عن الارتباط بالاستقرار الهش، أي الحكومات الضعيفة، والتي لا تحظى بتأييد شعبي، حيث إن الرهان الأميركي على هذه الحكومات قد يكون خاسراً مثلما حدث في إيران أو في بعض الأنظمة الأخرى في المنطقة، فإما أن نساعد شعوب هذه المنطقة على التمرد ونجاح عملياتها في الانحياز إلى القوى السياسية الأكثر تأثيراً من الناحية الاجتماعية، بحيث تكون لها السلطة، وإما لا نظهر لهذه الشعوب أننا نؤيد تلك الحكومات الضعيفة.

وبحسب الوثيقة فإن ذلك يعني الدخول في مرحلة الانقلابات وتغيير نظم الحكم لبعض الدول التي قد لا تكون مستهدفة أصلاً من عمليات التغيير، وأن هذه المرحلة قد تكون هامة وشاقة في الوقت ذاته، فهي هامة لأنها ستساعد في اكتمال الاستراتيجية الأميركية الجديدة بالشرق الأوسط، وشاقة لأنها ستتطلب العمل مع العديد من المجموعات الداخلية في هذه الدول. وفي كل الأحوال فإن الرضا أو الغضب الجماهيري يجب أن يكون أحد المعايير المهمة في تقييم صداقة نظم الحكم في هذه الدول للولايات المتحدة، إلا أن معيار الرضا أو الغضب الجماهيري وحده ليس كافيا وإنما من المهم أيضاً التأكد من امتلاك مصادر القوة العسكرية الحقيقية، وأن هذا النظام قادر على أن يحافظ على توازنه ومجابهة التحديات التي تواجهه، وأن القوة العسكرية الرئيسية ما زالت تؤيده بقوة، حيث إنه وفي هذه الحالة فقط سنفكر في كيفية مساعدتنا لهذا النظام، بحيث يتخلص من معارضيه، ويكون أكثر قبولاً لدى الأوساط الجماهيرية.

تأييد الشعوب مهم

وتمضي الوثيقة الأميركية لتورد “إن محاربتنا للإرهاب في السنوات القادمة لن تعتمد فقط على عمل الحكومات، وإنما على تأييد الشعوب لنا، لأن هذه الشعوب هي الذخيرة الحقيقية التي يمكن أن تهدد أو تجعل الأميركيين آمنين… لقد أثبتت أحداث 11 سبتمبر أنه مهما كان تأييد الحكومات قوياً، ومهما كانت عوامل الصداقة الفعلية والقائمة قوية، فإن هذا لا يمنع من ازدياد الاتجاهات العدائية للولايات المتحدة لدى شعوب الشرق الأوسط.”

وحذرت الوثيقة بشكل محدد من السعوديين والسودانيين والمصريين، وأشارت إلى أن التخطيط الجديد للقيام بأعمال إرهابية ضد المصالح الأميركية في داخل الأراضي الأميركية سيأتي من هذه الأطراف الثلاثة، وشككت الوثيقة في نجاح الحكومات الأميركية في بناء علاقات صداقة وتعاون مع المصريين والسعوديين، الذين يكنون مشاعربغيضة للسياسة الأميركية ولكل من يحاول الدعاية لها، وتنصح بأن تكون الأجهزة الأمنية الأميركية أكثر انتشاراً وقوة في داخل هاتين الدولتين، وأن تكون هناك صلات وروابط اجتماعية بين هذه الأجهزة الأمنية والعديد من المنظمات والجمعيات الأخرى، محذرة من أن غياب التأثير الاجتماعي الأميركي سيترك آثاراً غير مرغوبة، وسيؤدي إلى المزيد من التهديد للمصالح الأميركية.

وتشير الوثيقة إلى أنه، وبالرغم من التعاون القوي بين النشاط الأمني والنشاط الاجتماعي عبر المنظمات والجمعيات، إلا أن الحافز الأساسي لمنع أي تهديد للمصالح الأميركية في هذه المنطقة سيظل قائماً وهو الاحتفاظ بقوات أميركية كبيرة ومتطورة وقادرة على الدخول في أية دولة أو منطقة في الوقت المناسب، وبالكيفية المناسبة لمنع أي تهديد للمصالح الأميركية، وأن تكون هذه القوات والمعدات قادرة أيضاً على سحق أية جماعات إرهابية لها نشاط إرهابي ممتد ومتواصل ويهدد المصالح الداخلية للولايات المتحدة.

واقترحت الوثيقة أن يكون هناك مستشارون دائمون في الدول العربية لمكافحة الإرهاب، والذين سيوكل إليهم وضع السياسات الأمنية لمكافحته، وبحسب الوثيقة فسوف يكون وضع هذا المستشار الأمني قريب الصلة بالمندوب السامي الذي كان موجودا أيام الاحتلال الانجليزي حيث سيكون هو المسئول عن اقتراح السياسات الأمنية المتعلقة بمكافحة الإرهاب، وهو الذي سيوقع على قرارات التعقيب، وسيكون من حقه طلب تعديل السياسات الأمنية، أو محاولة القبض على بعض الجماعات التنظيمية حتى ولو رأت الدولة أن هذه الجماعات غير إرهابية، وسيكون هذا المستشار الأمني هو حلقة الوصل الرئيسية بين الولايات المتحدة والدولة المعنية في الشرق الأوسط، وسيكون منصبه موازياً للسفير الأميركي.

الخلافات تحل لصالح أميركا

وبحسب الوثيقة فإنه، وفي حالة حدوث خلاف بين المستشار الأمني والأجهزة الأمنية في داخل الدولة المعنية، ستتم إحالته إلى القيادة السياسية لهذه الدولة، فإذا ما انحازت القيادة السياسية لرأي الأجهزة الأمنية الوطنية سيتم في هذه الحالة تصعيد الخلاف الأمني بإجراء اتصالات ومباحثات بين القيادة السياسية ووزارة الخارجية والمسئولين الأميركيين ويرسل المستشار الأمني تقارير إلى أية جهة في الإدارة أو الخارجية أو المخابرات الأميركية، وهي تقارير غير قابلة للتصديق أو المراجعة من الأجهزة الأمنية الوطنية، وأن الدولة قد تفاجأ بأن هذه التقارير تكون محلاً للمناقشات مع أجهزتها الأمنية.

وترى الوثيقة أن المستشار الأمني غير قابل للعزل بسبب التقارير التي يعدها، وله أن يقدم ملاحظات نصف سنوية على الأوضاع الأمنية في داخل الدولة المعنية، والخطط المقترحة لتطوير الأجهزة الأمنية أو الخطط الأمنية، وفي كلتا الحالتين فإنه وفي إطار التعاون الأمني سيطلب من هذه الدول العمل على تعديل السياسات الأمنية بما يتلاءم مع مقترحات المستشار الأمني، كما أن هذا المستشار لن يعمل بمفرده، وسيكون له جهاز أمن خاص به، ستتشكل غالبيته من الأميركيين، وسيعتمد أيضاً على بعض العناصر الوطنية في داخل هذه الدول التي سترشح الشخصيات الأمنية القادرة على التعامل مع المستشار الأمني الأميركي وجهازه، ويكون للمستشار الأمني حق الاختيار النهائي لهذه الشخصيات.

وحسب المعلومات فقد أبدت الإدارة الأميركية تأييداً كبيراً لفكرة تعيين المستشار الأمني الأميركي الدائم في دول الشرق الأوسط… وأنه لذلك فقد تقرر البدء فوراً في إجراء الاتصالات اللازمة مع الدول العربية للقبول بتعيينه، وقد بدأت هذه الاتصالات بالفعل مع اليمن، وتم إرسال مذكرة أميركية مطولة إلى اليمن حول وظيفة هذا المستشار الأمني، والتي أشارت إلى أن مهمته ستتعلق بمراجعة كل السياسات الأمنية اللازمة لمكافحة الإرهاب.

أكثر من مستشار أمني

وضمن ما تقرره الوثيقة الأميركية فإن بعض الدول قد يتطلب الأمر فيها تعيين أكثر من مستشار أمني، حيث سيكون لكل مستشار الحرية الكاملة في إرسال تقاريره ومذكراته مباشرة إلى الإدارة الأميركية، فعلى سبيل المثال اقترحت المذكرة الأميركية بالنسبة لدولة عربية كبرى تعيين ثلاثة مستشارين يتم توزيعهم في أقاليمها المختلفة، حيث يضطلعون بالتنسيق فيما بينهم تجاه السياسة الأمنية اللازمة، وكذلك الخطوات المستقبلية لحصر النشاط “الإرهابي“.

وتري الوثيقة إرسال أربعة مستشارين لليمن، أحدهم سيكون مختصا بنشاط العاصمة صنعاء وضواحيها، والثاني بعدن وضواحيها، والثالث للمناطق الحدودية، والرابع لمناطق الأطراف وضواحيها، وبالنسبة لدولة خليجية كبرى تقترح الوثيقة ثلاثة مستشارين أحدهم للعاصمة والثاني للمنطقة الوسطى والثالث للمنطقة الجنوبية، في حين تقترح الوثيقة تعيين مستشار أمني واحد لكل من الكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان ودولة الإمارات، وتعيين مستشارين في كل من الأردن وسوريا والجزائر وتونس والمغرب، وتعيين خمسة مستشارين في السودان تحت زعم كثافة النشاط الإرهابي فيه.

القضاء على أسلحة الدمار الشامل عدا إسرائيل

وتعتبر الوثيقة أن نجاح السياسة الأمنية في القضاء على الإرهاب يرتبط أساسا بنجاح السياسة الأميركية في القضاء على انتشار أسلحة الدمار الشامل في المنطقة، وتنظر الوثيقة إلى أن هذه الأسلحة تعد من أخطر المتغيرات التي تعوق العمل الأميركي وتهدد بشكل مباشر المصالح الأميركية، وأن نحو 75% من دول الشرق الأوسط تتسابق فيما بينها من أجل الحصول على أنواع مختلفة من أسلحة الدمار الشامل، وأن الإدارة الأميركية إذا لم تنجح في منع وصول هذه الأسلحة، وكذلك إعاقة كل الطرق المؤدية لتهريب هذه الأسلحة والجماعات الأكثر تأثيراً والقادرة على شرائها فإن ذلك سيؤدي إلى فشل الجوانب الأخرى للاستراتيجية الأميركية.

وحذرت الوثيقة من أن انتشار أسلحة الدمار الشامل لم يرتبط فقط بالحكومات في هذه المنطقة، بل ارتبط بالعديد من الجماعات الإرهابية، التي أصبحت تخزن هذه الأسلحة في مناطق غير معلومة… وفي هذا الشأن فإن المهمة الأميركية لن تكون قاصرة فقط على منع الإنتاج المستقبلي لأسلحة الدمار الشامل، وكذلك ما يرتبطبالحصول عليها من دول العالم الخارجي، ولكن أيضاً من خلال معرفة المخزون الحقيقي القائم حالياً وكيفية تدميره، ويجب الأخذ بعين الاعتبار أن إسرائيل تمتلك مخزوناً من هذه الأسلحة، وهو أمر يجب أن يحظى بتأييد الولايات المتحدة لضمان أمن وسلامة إسرائيل عبر هذا السلاح الرادع… وأن الأمر سيشكل مكسباً كبيراً إذا ما تم ضماناستمرار حيازة إسرائيل لتلك الأسلحة وإذا ما تمكنت الولايات المتحدة من تدمير الجزء الأكبر من أسلحة الدمار الشامل لدى الدول العربية وإيران.

ديمقراطية أميركية

وفي جزء منفصل تتحدث الوثيقة عن إحداث ما تصفه بتغييرات ديمقراطية في المجتمعات العربية، حيث تشير إلى أن أحد الأغراض الأساسية التي سنسعى إليها في الفترة القادمة تتعلق بتحويل المجتمعات العربية المغلقة والمعروفة بديكتاتورية تعاملاتها إلى مجتمعات مفتوحة وديمقراطية، وهو ما يتطلب التفكير في الوسائل اللازمة لاختراق هذه المجتمعات العربية من خلال التنظيمات السياسية شبه الديمقراطية في البداية، ثم تحويل هذه التنظيمات إلى وسائل ديمقراطية حقيقية، وذلك بنشر المعايير الصحيحة للانتخابات من خلال الندوات والنظم المدرسية ومن خلال وسائل وآليات جديدة نعتمد فيها بالأساس على الظروف الاجتماعية والاقتصادية في هذه البلدان.

ويقع ضمن وسائل إحداث التغييرات الديمقراطية في المجتمعات العربية العمل على تحويل المؤسسات السياسية الشكلية في داخل هذه البلدان إلى مؤسسات حقيقية قادرة على التعبير عن الاتجاهات الشعبية أو تمثيلها.

وتمضي الوثيقة لتقول: “إننا يجب أن نعيد الثقة المفقودة لمواطني الشرق الأوسط في إحداث تغيير حقيقي في هياكل السلطة، إننا يجب أن نؤكد على معايير جديدة في أن الجماهير والتغييرات الديمقراطية وحدها هي الكفيلة بتغيير نظم الحكم في هذه المنطقة، وأن الجيش والوسائل العسكرية ما هي إلا أداة لحماية الأوطان من الأخطار الخارجية، وأنها لا تتدخل في أمور الوطن الداخلية إلا بالقدر الذي يهدد عرى وحدة الوطن… ويجب إعادة دراسة المجتمعات العربية كل على حدة، وفي إطار مجموعات مختلفة حتى نتعرف على الخصائص والمفاهيم والثوابت والمتغيرات والميزات والنقائص لكل مجتمع على حدة، وبالطبع سنجد أنفسنا أمام عدد هائل من مجتمعات عربية مصرية وسعودية وإماراتية وليبية وسودانية وتونسية وغيرها

ولكن لا بد أن تكون هناك قواسم مشتركة بين هذه المجتمعات وبعضها… يجب أن نعيها ونقدر أهمية هذه القواسم المشتركة، ثم دراسة الاختلافات بين بعضها البعض… إننا في حاجة لمعرفة نوعية الخدمات التي تحتاجها هذه المجتمعات، والخدمات بطبعها أنواع، فهناك خدمات أكثر إلحاحاً تحتاجها بعض المجتمعات دون الأخرى، وهناك خدمات ملحة، وهناك ما هو أقل إلحاحاً، علينا أن ندرس الأنواع الثلاثة، وكيفية التأثير المباشر على المواطن العربي في هذه المنطقة، إننا سنتصرف مع المجتمعات العربية وكأننا الحكومات المباشرة لهم، وفي ذات الوقت نقدم لهذه الحكومات مساعدات اقتصادية جيدة، حتى تترك فرق عملنا تعمل بكفاءة ودون اعتراض

إننا يجب أن نخالطهم لأطول فترة زمنية ممكنة، وبما يحقق الأثر المباشر في إنشاء خصائص جديدة لهذه المجتمعات يرتبطون فيها بالتعليم والتكنولوجيا والتعبير الديمقراطي وكذلك اختفاء القيم والعادات العربية القد يمة التي تعتبر عائقاً أساسياً في تواصل المجتمعات العربية مع المجتمع الأميركي… إننا سنعمل على إنشاء نظام جديد للتوأمة بين المدن والقرى الأميركية والمدن والقرى العربية، وسيكون الهدف الأساسي لهذا النموذج هو إنشاء تأثيرات أميركية مباشرة على هذه المجتمعات العربية… كل ذلك سيمكننا على المدى البعيد من أن نضمن التسلسل المنطقي في وصول الجماعات السياسية إلى سدة الحكم في الشرق الأوسط، خاصة أن التيارات الراديكالية هي المرشحة لاعتلاء السلطة في الكثير من دول الشرق الأوسط في السنوات العشر القادمة، وهذا يعني أن بلادنا قد تدخل أزمة حقيقية تجاه تصنيف الأوضاع في هذه المنطقة.”.

انتهى مضمون الوثيقة الأميركية بالغة الخطورة… إلا أن مخاطرها على المنطقة لم تبدأ رسميا بعد… فهل تنجح أميركا في فرضها على أنظمة الحكم العربية التي أصابها الصمت أمام الأخطبوط الأميركي الذي ينتقل عبر أركان المعمورة ناشراً إرهابه وفزعه حول العالم؟