Header Ad

التصنيفات

قراءة في كتاب: صناعة الإسلاموفوبيا (1)

يناقش ناثان لين في هذا الكتاب أكثر القضايا أهمية في العصر الحديث، التي تفرض تهديداً كبيراً على المجتمع المسلم في العالم، وبالتحديد في أوروبا والولايات المتحدة، خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 في نيويورك .

يستعرض الكتاب الأسرار القذرة للفئة الصغيرة الجشعة في الغرب التي تتحكم بمفاصل السياسة والقرار من وراء الكواليس، وكيف تحاول التلاعب بالرأي العام، وإشاعة مناخ من الخوف وثقافة الكراهية تجاه المسلمين في الغرب، حيث تعود عليهم بالفائدة المالية والسياسية .

يسلط الكتاب الضوء على صنّاع الإسلاموفوبيا وحجم الملايين التي تنفق للترويج لهذه الصناعة الخطرة التي تتجذّر في العمق الثقافي للشعوب الغربية، ولاتقتصر المشاركة على الإطار النخبوي فقط، بل تشاركهم شبكات من المدونين والمموّلين والكتّاب والمثقفين والوعّاظ والسياسيين الذين يلعبون دوراً كبيراً في تأليب وتأجيج الرأي العام ضد المسلمين، وترسّخ في أذهانهم الصور النمطية المتعلقة بممارسة العنف والذكورية الطافحة، والعمل على إبراز الحوادث الفردية السلبية في العالم الإسلامي واتخاذها على أنها نموذج معمّم يمارسه المسلمون، الأمر الذي يؤثر سلباً في جميع المسلمين الذين يحترقون بنيران قلة من المتطرفين المسلمين، ممن يتبرأ منهم العالم الإسلامي .

والكاتب رئيس تحرير “أسلان ميديا”وكاتب مساهم في “بوليسيميك”وقد شارك في تأليف كتاب: “إيران، “إسرائيل«، والولايات المتحدة: أمن النظام في وجه الشرعية السياسية”الصادر في (2011) .

يقع الكتاب في 222 صفحة من القطع المتوسط، ،2012 صادر عن دار “بلوتوبرس”البريطانية .

تحالف الصهاينة واليمين المتشدد والسياسيين العنصريين وراء العداء للإسلام

يعاين هذا الكتاب الجانب المظلم من صناعة الإسلاموفوبيا، الذي يعد الوحش الحالي في الغرب، ويناقش كيفية الترويج لهذه الصناعة وإخافة العامة من الدين الإسلامي، كما يبين أن الزيادة المفاجئة في المشاعر المعادية للمسلمين في الولايات المتحدة وأوروبا ليست نتيجة مناخ من الشكوكية متطور بشكل طبيعي، بل هو نتاج متابعة وتركيز وضخ أموال على مدى العقد الفائت، ووصل هذا الجهد في الترويج لها إلى الذروة في بداية العقد الثاني . 

بدايات الإسلاموفوبيا

قدم للكتاب جون ل .إيسبوسيتو الأستاذ الجامعي في علم الأديان والدراسات الإسلامية والشؤون الدولية فيجامعة جورج تاون والمدير المؤسس لمركز الأمير وليد بن طلال للتفاهم الإسلامي- المسيحي في الجامعة نفسها في العاصمة واشنطن، حيث يرى إيسبوسيتو أن الإسلاموفوبيا لم يبرز إلى الوجود بعد أحداث 11 سبتمبر في ،2001 بل هو مثل معاداة السامية وزينوفوبيا (كراهية الأجانب)، له جذور تاريخية عميقة وطويلة . إلا أن انبعاثه في الفترة الراهنة ظهر نتيجة التدفق الكبير للمسلمين إلى الغرب في أواخر القرن العشرين، إضافة إلى حدوث الثورة الإيرانية، وأزمة الرهائن الأمريكيين، وأعمال إرهابية أخرى في الثمانينات والتسعينات، وكان أبرزها مؤخراً تفجير برجي التجارة العالميين في 11 سبتمبر والهجمات الإرهابية المتكررة في أوروبا .

لكن يشير إلى أن اللقاء الأول لأغلب الأمريكيين مع إسلام غير معروف لهم ظهر مع الثورة الإيرانية في عام 1978 وأخذ الرهائن في السفارة الأمريكية، ونتج عن ذلك تفجر الاهتمام بالدين الإسلامي وتوجه الصحافة إلى تغطية كل ما يتعلق به، إضافة إلى تسليط الضوء على الشرق الأوسط والعالم الإسلامي الذي توسع بشكل تصاعدي على مر السنين . ويؤكد إيسبوسيتو أن الإسلام والشرق الأوسط اليوم يظهر بصورة سلبية في العناوين الرئيسة، وعلى الرغم من أن الدين الإسلامي هو الثاني في العالم والثالث في الولايات المتحدة، ويشكل المسلمون جزءاً متلاحماً من الموزاييك الأمريكي في القرن الواحد والعشرين، فإن الأعمال الإرهابية التي حدثت فيها وفي العالم أسهمت في تصاعد الإسلاموفوبيا فيها .

يجد إيسبوسيتو أن الإسلام والمسلمين ينطبق عليهم المثل الدارج ولكن بشكل معكوس، وهو “المتهم مُدان حتى تثبت براءته«، حيث غالباً ما يتم النظر إلى الإسلام على أنه السبب الفعلي للراديكالية والتطرف والإرهاب .

يستعرض إيسبوسيتو أيضاً استطلاعاً قام به مركز غالوب في 2006 عن الإسلام والمسلمين، حيث وجد أن الأقليات في الولايات المتحدة يحملون مشاعر سلبية تجاه الناس من الدين الإسلامي، ويفضلون استعمال التدابير الأمنية المتشددة مع المسلمين كطريقة لمنعهم من ممارسة الإرهاب وأقل من نصف المستجيبين للاستطلاع يعتقدون أن المسلمين الأمريكيين مخلصون للولايات المتحدة . وقرابة ربع الأمريكيين أي ما يعادل 22% منهم قالوا إنهم لا يرغبون بأن يكون جارهم مسلماً، و31% يشعرون بالعصبية إذا ما كان رجلاً مسلماً معهم في رحلة طيران، و18% قالوا إنهم يشعرون بالعصبية إذا ما كانت امرأة مسلمة معهم في رحلة طيران، وأربعة من كل عشرة أمريكيين يفضلون استخدام تدابير أمنية صارمة ضد المسلمين أكثر من تلك المفروضة على المواطنين الأمريكيين من غير الدين الإسلامي، ويطالبون بحمل المسلمين الأمريكيين بطاقات خاصة بهم لإخضاعهم لتدابير أمنية خاصة عند الطيران، وعندما سئل المستجيبون عما يعجبهم في العالم الإسلامي، كانت إجابات ما يقارب 33% “لاشيء”وما يقارب 22% “لا أعرف”. وفي دراسة لغالوب في 2010 وجدت أن كل أربعة أشخاص من أصل عشرة لديهم بعض التمييز تجاه المسلمين وهو ضعف الرقم مع باقي الأديان .

في خاتمته يجد إيسبوسيتو أن الإسلاموفوبيا مثل معاداة السامية لن تزال بسهولة أو قريباً . ويرى أن “الإسلاموفوبيا ليست مشكلة للمسلمين وحدهم بل هل مشكلتنا”. ويشير إلى أن الحكومات وصناع القرار، والإعلام، والمؤسسات التعليمية، والقادة السياسيين والدينيين يلعبون دوراً مهماً في خلق تحول في المجتمعات الغربية والتأثير في المواطنين والسياسات لاحتواء الأصوات التي تنادي بكره الإسلام والمسلمين، وهذا ممكن الحدوث إذا ما تضافرت الجهود لتعزيز التفاهم والسلام العالميين . ويؤكد أنه من خلال الاطلاع على تاريخ معاداة السامية والعنصرية في أمريكا، لم يكن التشدد والتطرف أمراً فطرياً، بل مكتسباً .

السيطرة بإشاعة الخوف

يستشهد لين خلال الكتاب بالكثير مما ورد في الصحافة والإعلام والكتب والأبحاث عن موضوع الإسلاموفوبيا في الغرب، والخوف الذي رسخه الإعلام في أذهان العامة، وما يمكن أن يفرز منه، ونقتبس بعضاً مما أورده الكاتب عن ممارسة الخوف وتأثيره في الأفراد والشعوب على لسان شخصية البروفيسور الإنجليزي جورج فالكونر في فيلم “رجل عازب”2009 من إخراج توم فورد: “الخوف، رغم كل شيء، هو عدونا الحقيقي . إن الخوف يستولي على عالمنا، ويستخدم كأداة للتلاعب في مجتمعنا . بالخوف يدير السياسيون سياساتهم وتقنعنا شركات الإعلان بشراء أشياء لانحتاج إليها”. وعن زرع الخوف في رؤوس الشعب الأمريكي نقتبس: “الخوف الذي يهاجموننا به هو الخوف من أن هناك شيوعيين يخترقون صفوفنا من كل زاوية، والخوف من أن هناك بلداً في البحر الكاريبي لايؤمن بطريقتنا في الحياة وهو يشكل تهديداً لنا . الخوف من أن الثقافة السوداء يمكن أن تسيطر على العالم”.

تمتاز مقدمة الكتاب بغنى كبير، حيث يقدم الكاتب للقارئ العديد من النماذج في الولايات المتحدة وخارجها، وتوضح النماذج مدى تأثير الإعلام الغربي في ذهنية المواطنين وانعكاس ذلك على الحياة العامة للمسلمين . ومن هذه النماذج المواطن الأمريكي من أصل بنغالي المدعو أحمد شريف، يبلغ 44 عاماً، ويعمل سائق سيارة أجرة في مدينة نيويورك، صعد معه شاب في حدود الواحدة والعشرين من عمره، ويدعى ميشيل إينرايت كانت سحنته بيضاء وشعره أشقر، ألقى التحية عليه بالطريقة الإسلامية . اعتقد السائق أنه مسلم، ثم بدأ يسأله ميشيل عن شهر رمضان، ولكن ما لبث أن وجّه كلمات مسيئة إلى الإسلام والمسلمين، خاصة أن الجو العام كان متوتراً كثيراً بشأن بناء مسجد “غراوند زيرو”على مسافة قريبة من مكان تفجير برجي التجارة العالميين، وعندما شعر السائق باستياء وإهانة كبيرة أوقف السيارة على نقطة تفتيش قبل مكان نزول الشاب، الذي توضح أنه كان جندياً في أفغانستان، وقد كان يتوجّس من كل مسلم يلتقيه، بالأحرى كان يعتبره إرهابياً بمجرد أنه مسلم، وهناك أمسك الشاب بعنق السائق واضعاً مُدية حادة أدمت عنقه وذراعيه وأصابعه، توسل إليه السائق ألا يقتله وبكى قائلاً: “لا تقتلني، عملت بمشقة كبيرة . لدي عائلة”. حاول السائق أن يبعده عن نفسه بوثبة قوية، بعد ذلك خرج الشاب من السيارة مدعياً أن السائق حاول سرقة محفظته، وقد دافع عن نفسه ثم صرخ: “لقد أتيت للتو من أفغانستان، أريد أمي”. ألقت الشرطة القبض عليه، ووضعت يديه في القيود، ثم بدأ يقول للشرطة: “الشرطة ملامة على السماح للمسلمين بتفجير الأبنية في هذه البلاد”.

نجا السائق من الرحلة الدموية التي بدأت بالسلام عليكم، وانتهت بصدمة وحالة خوف من تكرار هذه العملية، ودفع به الأمر إلى نقل عائلته من مانهاتن إلى بوفالو . وأفادت تقارير إخبارية أن جريمة ميشيل إينرايت تصنف ضمن جرائم الكراهية . وخلال التحقيق أدعى إينرايت أن الأمر حدث تحت تأثير الخمر، إلا أن المحقق وجد في صفحات من مفكرته اليومية عبارات نذكرها: “إنهم قتلة، جاحدون للمساعدة التي عرضت عليهم، ومجرمون قذرون عديمو الضمير”.

بعيداً من التوقعات

يشير الكاتب إلى أن المناخ السياسي والاجتماعي لعام 2010 كان ناضحاً بتعابير الكراهية . فبعد تسع سنوات من 11 سبتمبر ،2001 توقع الكثير أن المشاعر المعادية للإسلام كانت في تراجع، إلا أن الأمر لم يكن كذلك، فقد ازداد العداء للإسلام والمسلمين بحسب الكثير من التقارير والإحصاءات عن عدد من مراكز الأبحاث . في عام ،2001 أظهرت التقارير أن آراء 59% من الأمريكيين كانت إيجابية تجاه المسلمين بعد شهرين فقط من التفجيرات الإرهابية في 11 سبتمبر، إلا أن الأمور بدأت تتغير في السنة التالية، على الرغم من أن أعمال العنف من قبل المجموعات الإسلامية المتطرفة كانت قليلة . في عام ،2002 أظهر تقرير للإف بي آي أن جرائم الكراهية تجاه المسلمين ازدادت بنسبة 1600%، ففي عام 2000 سجلت 28 حالة، أما في عام 2002 فقد وصل الرقم إلى 451 حالة، وفي عام ،2004 واحد فقط من كل أربعة أمريكيين تحدث بإيجابية عن الإسلام . ووفقاً لمركز بيو للأبحاث في العاصمة الأمريكية واشنطن، فإن 46% من الأمريكيين اعتقد أن الإسلام يشجع على العنف أكثر من أي دين آخر . ولم تكن هي مؤسسة الأبحاث الوحيدة التي سجلت هذا الاتجاه السلبي الصاعد تجاه المسلمين، ففي السنة التالية، أفاد تقرير لشبكة “إيه بي سي نيوز”أن 43% من الأمريكيين لايزالون يعتقدون أن المسلمين لايكنون الكثير من الاحترام للشعوب التي تدين بدين آخر . وبحلول عام 2005 قرابة 6 من 10 أمريكيين اعتقدوا أن الإسلام دين يشجع على العنف .

بعد الحرب على العراق بأربع سنوات أجرت صحيفة “واشنطن بوست”استطلاعاً أظهرت فيه أن نصف الأمريكيين ينظرون بطريقة سلبية إلى الإسلام، ومع حملة الانتخابات الأمريكية في ،2008 والتي تسلم فيها باراك حسين أوباما، الكيني الأصل، الذي أصبح الاسم المتوسط له (حسين)، وهو اسم إسلامي، هدفاً سهلاً لمروجي الروايات المعادية للمسلمين، وقد عززوا الصورة التي أظهرت أن ديانته الأصلية أي الإسلامية تعد لطخة في سجله، وأنه لايزال يدين بالإسلام، وأي زيارة له لأي مسجد كان كافياً لإثارة زوبعة من الانتقادات من معارضيه .

ويشير الكاتب إلى أن تقريراً آخر لمركز بيو للأبحاث في واشنطن في 2008 في أوروبا، أظهرت أن الآراء الإيجابية كانت قليلة تجاه المسلمين، وأن نصف الإسبان والألمان لهم آراء سلبية، في حين 46% من البولنديين و38% من الفرنسيين شعروا بالشيء نفسه

وبحسب التقارير الأخيرة أيضاً من مركز بيو للأبحاث فإن اليمين الأمريكي يجد أن المسلمين غرباء على أرضهم وأن قيمهم وثقافتهم لا تمت إليهم بصلة، خاصة أن ما يقارب 65% من المسلمين في أمريكا هم من الجيل الأول للمهاجرين، كما في فرنسا تبين أن ثلثي المهاجرين الجدد هم من المسلمين وفي بريطانيا ربعهم، وتعدّ هذه الأرقام خطرة لمتشددين مثل ميشيل إينرايت، حيث يرون الأمر على أنه يشكل تهديداً لثقافتهم وقيمهم .

تعميم الصور النمطية

يستشهد الكاتب بمقال للكاتب دانيال بايبس، وهو معلق سياسي أمريكي محافظ، يعدّه البعض جدّ الإسلاموفوبيا في الولايات المتحدة، في مقاله يوضح تقاطع العنصرية المعادية للمهاجرين والإسلاموفوبيا قائلاً: “إن المجتمعات الأوروبية الغربية غير مهيّأة للهجرة الهائلة للشعوب من البشرة السمراء الذين يطبخون أطعمة غريبة ولا يلتزمون تماماً بالمعايير الجرمانية للنظافة الشخصية . . كل المهاجرين يجلبون معهم عادات ومواقف غريبة، لكن العادات الإسلامية هي إشكالية أكثر من غيرها . كما يظهرون على أنهم يظهرون مقاومة ورفضاً لكل اندماج”.

إلا أن الكاتب يفند ما كتبه من خلال توضيح التاريخ الأمريكي الذي لم يكن تبرز فيه أية جماعة دينية ولا استحكم به أي نظام اجتماعي أساسي أو كانت هناك قيم ومعتقدات أخلاقية معينة، وبالتالي سيكون من المستحيل الإدعاء بأن المسلمين أو أي جماعة دينية أخرى سيرفضون شيئاً ما، طالما أن المجتمع يتسم بالتنوع الذي نشأ في تكوينه من وفود المهاجرين من مختلف أصقاع الأرض .

يقف الكاتب على تأثير الأزمة الاقتصادية في خلق أجواء من التوتر الاجتماعي بين الجاليات المهاجرة والسكان الأصليين الذين يعتقدون أن المهاجرين يستولون على فرصهم في العمل ويخفضون من أجور العمال، وقد تشكلت المشاعر المعادية تجاه المسلمين مع الأزمات الاقتصادية منذ عام ،2000 خاصة أن أغلبية المهاجرين من الدول المسلمة أعدادهم في تزايد . ويشير الكاتب إلى أن اليمين استغل هذا الجانب، خاصة أنه يعرف سلطة الخوف، وبالتالي جيّر الأوقات غير المستقرة لمصلحته، بالتحديد في قضية المجمع الإسلامي بارك ،51 وبناء مسجد غراوند زيرو، حيث نشأت منظمات معادية للمسلمين والدين الإسلامي .

بعد مقتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن على يد القوات الأمريكية في أبوت أباد في باكستان، كان هناك اعتقاد أن المشاعر المعادية للمسلمين سوف تنخفض، إلا أن الأمر ظهر عكس ذلك بحسب التقارير الأخيرة خلال ،2012 فحسب تقرير لل”سي إن إن”ظهر أن نصف الشعب الأمريكي لا يشعر بالراحة من ارتداء النساء للبرقع، أو أن يتم بناء مسجد في منطقتهم، أو أن يصلي رجل في مطار . وما يقدر ب 41% من الأمريكيين قالوا إنهم لا يشعرون بالراحة إذا ما كان مدرّس أطفالهم مسلماً .

صناعة مختلفة

يتساءل الكاتب عن الأسباب التي تقف وراء هذه الزيادة المستمرة في تأجيج المشاعر المعادية للمسلمين في العالم، ويستغرب من حالة عدم الثقة والكراهية المتصاعدة تجاه المسلمين على الرغم من مرور عقد من الزمن على أحداث الحادي عشر من سبتمبر .

ويشير إلى أن موجة من الإسلاموفوبيا التي هزت مشاعر العامة الأمريكيين هو نتاج الاتحاد المتماسك والرصين لليمين الأمريكي . فمنذ اصطدام الطائرتين ببرجي التجارة العالميين، وهم لايتوانون عن إقناع المواطنين بأن المسلمين يشكلون تأثيراً خطراً في الغرب . ويرى أن المدونين المتشددين، والسياسيين العنصريين، ورجال الدين الأصوليين، ومثقفي شبكة “فوكس نيوز”الإخبارية، والصهاينة المتدينين، يسهمون في صناعة الكراهية تجاه المسلمين أو ما يسمى الإسلاموفوبيا .

يجد الكاتب أن صناعة الإسلاموفوبيا تختلف عن الصناعات الأخرى التي تصنع منتجاتها تحت مظلة متحدة، حيث هي ديناميكية ومرنة أكثر، مع أجزاء متحركة غير متصلة بفرع واحد . ويشير إلى أن مموليها لايزالون سائرين في الطرق نفسها ومترابطين بأشكال متعددة . ويشرّع كل منهم عمل الآخر، كما أن صناع الإسلاموفوبيا سخّروا قوة الإنترنت لتوسيع شبكاتهم الصغيرة في المنظمات الوطنية والإقليمية والعالمية . وغالباً ما تتطور المجموعات الصغيرة وتخرج بخطابات معادية للمسلمين على مر الزمن، وأخيراً تنتج أرباحاً مفاجئة، تعمل تحت القيادة نفسها أو المشابهة لها . ومن هذه المنظمات: أوقفوا أسلمة أمريكا، وهي مجموعة نشطاء إسلاموفوبيين انطلقت على يد المدونة باميلا غيلر، وهؤلاء شكلوا لهم فرعاً من المنظمة في أوروبا باسم “أوقفو أسلمة أوروبا”. تلعب هاتان المجموعتان دوراً كبيراً في تأجيج المشاعر المعادية للمسلمين، ووحدا جهودهما في إيقاف مشروع بناء مركز إسلامي في نيويورك بالقرب من مركز برجي التجارة العالميين . وفي عام ،2011 اندمجت المجموعتان في مجموعة “أوقفوا أسلمة الدول”.

يرى الكاتب أن العلاقات المالية تلعب دوراً كبيراً في هذه الصناعة، فالعلاقة بين العامل ورب العمل توضحت في الرابط بين المدون والكاتب الأمريكي روبيرت سبنسر ومديره ديفيد هورويتز، حيث خلق بيئة موائمة للمشاركة بشكل فعال في الأحاديث الإسلاموفوبية، ويتلقى من جراء ذلك راتباً شهرياً، أي أن الأمر بالنسبة إلى سبنسر هي قضية ربحية أكثر مما هي نابعة عن قناعة

يكتب روبرت سبنسر يومياً صفحة الافتتاحية في مدونة باسم “جهاد ووتش”التي يديرها بشكل مستقل، وهي تابعة لمركز ديفيد هورويتز للحرية، ويعتبر منبراً لحركة مكافحة الجهاد في العالم، والنظرة إليها في العصر الحديث . هورويتز يصفها بعبارة: “صغيرة إلا أنها عائلة فعالة بشكل واضح”.

في رأي الكاتب أن من يسهم في صناعة الإسلاموفوبيا عبر شراء منتجاتها، يفعل ذلك لأنهم يحتاجون بعض الشيء إلى المنتج، وهؤلاء الذين يمولون الإسلاموفوبيا ليسوا مختلفين، حيث تقف وراء أشخاص مثل روبيرت سبنسر وديفيد هورويتز شخصيات أيديولوجية ضبابية للغاية، ترى أن ترويج المشاعر المعادية للمسلمين ضرورة لتمكينهم من وضع يدهم العليا في حرب كونية يخوضونها على بعد آلاف الأميال في الضفة الغربية .

يجد الكاتب أن أنصار “إسرائيل”المتشدّدين في مسعاهم للتوسع في الأقاليم الفلسطينية، هم في الأغلب أنصار أساسيون لما يمكن أن يسمى “الملاكمة الثقافية الزائفة”التي تنشرها صناعة الإسلاموفوبيا . وهؤلاء يجدون أنه كلما زاد العداء للإسلام والمسلمين في العالم، دفع ذلك إلى خلق جو تصبح فيه المقاومة أقل مع السياسات “الإسرائيلية”تجاه الفلسطينيين . ويبين أن هؤلاء الداعمين ل”إسرائيل”والمروجين للمشاعر المعادية للمسلمين، بغض النظر عن معتقداتهم السياسية والدينية، إلا أن محافظهم تمتلئ على نحو كبير.