Header Ad

التصنيفات

فضيحة جديدة للجنرال أخطر من العلاقة الغرامية

ترددت في لندن أصداء الكشف في الولايات المتحدة أن الجنرال الأميركي دايفيد بترايوس استقال من منصبه كمدير لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إي) لسبب إضافي غير علاقاته الغرامية خارج إطار الزواج، وهو أنه أثناء عمله كقائد للقوات الأميركية في أفغانستان أطلع اثنين من أصدقائه على ملفات سرية جداً تتعلق بالحرب على الإرهاب، الأمر الذي أثر في شكل سلبي على سير الحرب ونتائجها بالنسبة لقوات حلف الأطلسي التي تشارك بريطانيا معها في شكل فاعل في الحملة العسكرية على أفغانستان.

وجاء كشف تصرف بترايوس «غير المسؤول» في وقت أعلن رئيس الوزراء البريطاني دايفيد كاميرون أمام النواب في مجلس العموم الأربعاء، الماضي، أن حكومته قررت سحب 3800 جندي بريطاني من أفغانستان خلال العام المقبل، مع العلم أن كاميرون قرر في وقت سابق من العام الحالي إنهاء المشاركة البريطانية العسكرية في أفغانستان في نهاية 2014.
فالبريطانيون يتوقون للخروج من أفغانستان منذ العام 2007 وبادروا إلى إقناع الأميركيين بفتح حوار مع «طالبان» من أجل التوصل لتسوية سياسية تمهيداً لإنهاء القتال.
لكن فضيحة بترايوس الجديدة تكشف أنه أتاح فرصة أمام صديقيه فريدريك كيغان وزوجته كيمبرلي للعمل كخبيرين استراتيجيين إلى جانب القوات الأميركية في أفغانستان، حيث تمكّنا من الاطلاع على ملفات سرية خطيرة وقدما من خلال عملهما نصائح ومشورات للقوات الأميركية أدّت على ضوئها إلى اتخاذها قرارات أكثر عدائية على الساحة الأفغانية، على نحو ألحق أضراراً بالغة بالحملة العسكرية لقوات الحلف الأطلسي في شكل عام، ومن ضمنها القوات البريطانية. ووفقاً لأحد الضباط الأميركيين الذي سُئِل عن عمل كيغان وزوجته في كابل، قال أنهما قدَّما عملاً يعجز عن القيام به 20 محللاً استخباراتياً.
وكان كيغان وزوجته يعملان محللين استراتيجيين في «أميركان إنتربرايز إنستيتيوت»، أحد مراكز الدراسات الاستراتيجية في واشنطن، فحصلا على إجازة لمدة عام كامل من المركز لكي يتم تعيينهما من جانب بترايوس للعمل لمصلحة القوات الأميركية في أفغانستان، رغم كونهما معروفين بمواقفهما اليمينية المتطرفة ووقوفهما ضد قرار الرئيس جورج بوش للانسحاب من العراق.
 وانتقل الزوجان إلى كابول، حيث وُضع تحت تصرفهما هناك مكتب خاص، ليتضّح لاحقاً أنهما خلال عملهما تلقيا دعماً مالياً من جانب شركات صناعة الأسلحة الأميركية، ما انعكس على التقارير التي كانا يقدمانها للقوات الأميركية والتي نصحت باتخاذ إجراءات أكثر شراسة ضد «طالبان» وحركة التمرد الأفغانية، على نحو يخدم المطامح التجارية لشركات الأسلحة.
ونقلت صحيفة «الاندبندنت» تفاصيل عدة مثيرة من نتائج التحقيق الذي أجرته صحيفة «واشنطن بوست» حول الفضيحة، حيث تبين أن كيغان وزوجته عملا خلال ذلك العام بكد ونشاط غير معهود وامتدت ساعات عملهما في أيام كثيرة لمدة 18 ساعة، من دون حصولهما على مقابل مادي من وزارة الدفاع الأميركية، إذ أنهما ظلا يتقاضيان مرتبيهما من مركز الدراسات الذي كانا يعملان به، رغم حصولهما على إجازة لمدة عام.
ونقل عن كيغان قوله انه وزوجته رفضا الحصول على مقابل مادي من «البنتاغون» لأنهما رغبا في المحافظة على «استقلاليتهما التامة» في التقارير التي كانا يقدمانها للقوات الأميركية في أفغانستان. لكن ما حصل أنهما تسلما منصبين خطيرين من دون أن يكون أحدٌ مسؤولاً عنهما في عملهما سوى بترايوس ذاته وغير خاضعين للمحاسبة، وهو أمر نادر الحدوث في وزارة الدفاع الأميركية والترتيب الهرمي للوظائف فيها، بل ظل المسؤولون في «البنتاغون» وفي الإدارة الأميركية عموما غائبين كلياً عن حقيقة وجود كيغان وزوجته في أفغانستان والدور الذي كانا يقومان به.
وتبين أن بترايوس منح كيغان وزوجته منصب «كبير مستشارين» لكل منهما، الأمر الذي أهلهما، على عكس قواعد العمل في البنتاغون، لحضور اجتماعات عسكرية سرية والاطلاع على التقارير الاستخباراتية المتعلقة بـ «طالبان» ونشاطاتها وعلى أدق التفاصيل المتعلقة بالخطط العسكرية وسير العمليات يومياً.
 فاستخدم كيغان وزوجته الصلاحيات التي منحت لهما وتدخلا لمصلحة إجراء تعديلات جوهرية على خطط العمليات العسكرية على نحو يزيد من تصعيد العمليات العسكرية ضد «شبكة حقاني»، أحد أجنحة «طالبان» التي تتخذ من المناطق الشرقية لأفغانستان ساحة لنشاطها، في وقت كانت القوات البريطانية تدفع باتجاه التفاهم مع «طالبان» والسعي للتوصل إلى تسوية سياسية لإنهاء الحرب.
ولاحظ بترايوس أن صديقيه المحللين الاستراتيجيين حظيا بدعم وتأييد من جانب أعضاء الحزب الجمهوري المعارض في الكونغرس، بل كانا يُقدمان تقارير مباشرة إلى أعضاء في الكونعرس من الحزب الجمهوري حول الأوضاع في أفغانستان، الأمر الذي أحرج بترايوس أمام رؤسائه والمسؤولين الآخرين في الإدارة الديموقراطية للرئيس باراك أوباما.
ويتضح أن كيغان وزوجته حافظا طوال الوقت على علاقتهما مباشرة مع بترايوس، وهو الوحيد الذي كان يتسلم النصائح والمشاورات منهما، ونظراً لعلاقة الصداقة القوية التي كانت تربط بينهما، كانا قادرين على الحديث بحرية تامة معه ويطرحان أفكارهما بجرأة متناهية، من دون إثارة حساسيات مع القادة العسكريين الأميركيين الآخرين العاملين إلى جانب بترايوس.
ومما أثار الانتباه إلى علاقة بترايوس الغريبة بكيغان وزوجته، أنهما بعد إنهائهما لمهمتهما في كابول عادا إلى مركز الدراسات الذي عملا به، وفي أغسطس 2011 أنهى بترايوس مهمته كقائد للقوات الأميركية في أفغانستان وعاد هو الآخر إلى الولايات المتحدة، وفوجئت الأوساط السياسية والإعلامية أن معهد «إميركان أنتربرايز إنستيتيوت» منحته وسام وشهادة تقدير على عمله في أفغانستان، وكان فريدريك كيغان هو الذي قام بتسليم الوسام إلى بيتريوس.