Header Ad

التصنيفات

لغز اغتيال عماد مغنية ومحمود المبحوح !

في أول رواية إسرائيلية من نوعها قدم “كتاب العمليات الكبرى لجهاز الموساد الإسرائيلي” لظروف اغتيال القائد العسكري الأبرز في حزب الله عماد مغنية في من العام 2008 في منطقة كفر سوسة بدمشق.

زرع الجواسيس
يكشف الكتاب أخطر العمليات وأهمها في تاريخ الموساد خلال ستين سنة من إنشاء الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، وطريقة إسهام هذه العمليات النوعية والكبيرة في بنائه، أو قضت على كل العوامل التي يمكن أن تشكل خطراً وتهديداً، ومن بين هذه العمليات زرع جواسيس في دول عربية، وعمليات تخريب وتفجير مثل تدمير المنشأة السورية في محافظة دير الزور، والقضاء على كبار العلماء النوويين الإيرانيين، والعديد من القيادات الفلسطينية واللبنانية الضالعة في تزويد الفلسطينيين بالسلاح، وممن شكل خطراً على المصالح الإسرائيلية في العالم.
من خلال البحوث المكثفة والمقابلات الحصرية مع القادة الإسرائيليين وعملاء الموساد، يقدم المؤلفان مايكل بارزوهار ونيسيم مشعل هذه المهمات الخاصة بتفصيل أقرب ما يكون إلى القصص البوليسية، ويسلطان الضوء بشكل واضح على حياة منفذي العمليات. يرصدان تفاصيل عمليات الاغتيال، الخطف، التخريب، المراقبة السرية وغيرها من العمليات الخطرة، الناجحة منها والفاشلة، التي أثرت في مصير إسرائيل وعدد من الدول، حتى إن تأثير البعض منها امتد ليشمل العالم كله.
هكذا تمّ الاغتيال
الكتاب صادر عن دار النشر الأميركية “هاربر كولينز” في 388 صفحة من القطع الكبير، 2012. وقال الكتاب في رواية تحت عنوان “هكذا تم اغتيال عماد مغنية في حي كفرسوسة في دمشق، 3 عملاء في العاصمة السورية لتنفيذ المهمة بسيارة ملغومة”.
وقالت الرواية: “كثيرة هي العمليات التي قام بها الموساد قتلاً وتنكيلاً وإفساداً وتخريباً في الدول التي عادت إسرائيل، وخاصة الدول العربية، حيث عمل بشكل مدروس ودقيق على طريقة التأثير في هذه الدول، والعمل على تدمير بنيتها التحتية خلال سنوات طويلة من العمل مع العملاء في داخل هذه الدول. ولاشك في أن أي رافض لهذا الكيان، سواء أفراداً كانوا أو مؤسسات أو دولاً، فقد كان يتم العمل على التخلص منهم أو تدميرهم، ويتم تصنيفهم في خانة الإرهاب، ويؤازرهم في هذا، الدول الغربية التي لا تكف عن دعم إسرائيل في السر وفي العلن”.
يستعرض الكاتبان في الفصل التاسع عشر بعنوان “الحب والموت في الظهيرة” عملية اغتيال عماد مغنية، القيادي في حزب الله، حينما كان متوجهاً إلى إحدى الشقق السكنية الفخمة في حي كفرسوسة وسط دمشق
سرّ المرأة الثلاثينية
كانت في انتظاره بالشقة امرأة كان قد تزوجها مغنية سراً تدعى نهاد حيدر في الثلاثينيات من عمرها. كانت نهاد تعلم بمجيئه دائماً قبل وصوله إما من بيروت أو من طهران، ولم يكن مغنية يأخذ أحداً من حراسه الشخصيين أو سائقيه عندما يتوجه إلى المنزل، وكان التعرف إليه صعباً للغاية، حيث كان يتخفى دائماً ولا تظهر له صور حديثة أو ظهور علني ما، خاصة أنه كان قد أجرى عملية جراحية لوجهه، بالتالي صعب الأمر على المخابرات الغربية والإسرائيلية للتعرف عليه، ولكن قبل توجهه إلى دمشق قام أحد عملاء الموساد بتصوير مغنية عبر هاتفه النقال، وأرسل الصور على الفور إلى تل أبيب للتأكد من هويته، وكان فريق عملية التنفيذ في دمشق بانتظار الإشارة كي ينفذوا العملية، وعند خروج مغنية من عند زوجته، ركب سيارة ميتسوبيشي باجيرو فضية من النوع الرياضي متعددة الاستخدامات، حيث كان مقرراً أن يلتقي بممثلين عن الاستخبارات السورية والإيرانية.
يبين الكاتبان لائحة من الأعمال المنسوبة إليه، التي جعلته الرجل الأكثر طلباً للمخابرات الأميركية قبل أحداث ، وكذلك للمخابرات الإسرائيلية ومنها:
– تفجير السفارة الأميركية في بيروت بتاريخ  1983وكان عدد القتلى 63 شخصاً.
– تفجير مقر قوات المارينز الأميركية في بيروت بتاريخ 23 تشرين الأول1983 وكان عدد القتلى 241 شخصاً.
– تفجير مقر الجنود المظليين الفرنسيين في بيروت بتاريخ 23 تشرين الأول 1983 وكان عدد القتلى 58 شخصاً.
– إضافة إلى خطف وقتل ويليام باكلي أحد مسؤولي “السي آيه إيه”، وعدد من الهجمات على السفارة الأميركية في الكويت، وخطف طائرة من شركة “توا” الأميركية وطائرتين من الخطوط الجوية الكويتية، وقتل عشرين جندياً أميركياً في السعودية. وقد أضافت إسرائيل إلى هذه القائمة بياناتها الخاصة بها نذكر بعضاً منها:
– هجوم على قافلة وزارة الدفاع الإسرائيلية على الحدود الإسرائيلية اللبنانية وقتل خلاله ثمانية جنود بتاريخ 10 آذار 1985 .
– تفجير السفارة الإسرائيلية في الأرجنتين بتاريخ 17 آذار 1992 وبلغ عدد القتلى 29 شخصاً .
– تفجير مركز المجتمع اليهودي في بيونس آيرس بتاريخ 18 تموز 1994 وبلغ عدد القتلى 86 شخصاً .
– إضافة إلى قتل وخطف ثلاثة جنود إسرائيليين في قطاع حدود عند الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة، وخطف رجل الأعمال الإسرائيلي إيلهانان تانينبوم، وتفجير قرب ماتزوبا كيبوتوز، والأكثر تدميراً من كلهم، خطف وقتل الجنود ريجيف وغولدواسير على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، التي أثارت الحرب اللبنانية الثانية.
كان عماد مغنية بالنسبة للإسرائيليين والأميركيين إرهابياً كبيراً، يقف خلف كل هذه الجرائم، ورغم ذلك لم يستطع أحد أن يقتفي أثره، حيث كان شبحياً، يضيع أثره بعد كل عملية، وهو بدوره كان يتجنب المصورين والحوارات التلفزيونية، وقد كانت الاستخبارات الغربية على اطلاع دائم بنشاطاته، إلا أنها بقيت جاهلة بظهوره العلني، وعاداته، ومخابئه. الشيء الوحيد الذي كان معلوماً بالنسبة إليهم هو أنه ولد عام 1962 في قرية من جنوبي لبنان، من الطائفة الشيعية، كان في مراهقته قد انتقل إلى حي فقير في بيروت أغلب ساكنيه من الفلسطينيين، ومن أنصار منظمة التحرير الفلسطينية. كان مغنية قد ترك المدرسة والتحق بحركة فتح، وثم أصبح أحد عناصر الحرس الشخصي لأبو إياد نائب عرفات، وأصبح أحد أفراد “القوة 17” وهي وحدة الأمن الخاصة لحركة فتح، تشكلت في منتصف السبعينيات، وترأسها علي حسن سلامة الملقب بالأمير الأحمر. وعندما شنت إسرائيل الحرب على لبنان في الثمانينيات، تم نفي من بقي حياً أو غير معتقل من منظمة التحرير إلى تونس، إلا أن مغنية فضل البقاء والانضمام إلى صفوف حزب الله.
عندما علمت الموساد بأن مغنية سيكون في دمشق، بدأت بنشاط هائل المستوى للحصول على التفاصيل من كل مصادرها بما فيها المخابرات الأجنبية وطرحت أسئلة مثل: هل سيأتي مغنية حقاً إلى دمشق؟ وإذا ما كان سيأتي فعلاً، ما الهوية التي سيختارها؟ في أي سيارة سيأتي؟ أين سوف يقيم؟ من سيرافقه؟ أي وقت سيصل إلى الاجتماع المرتقب للقاء المسؤولين السوريين والإيرانيين؟ هل السلطات السورية ستكون على علم بوصوله؟ هل حزب الله يعلم برحلته المخططة؟.
ليلة قبل العملية
في الليلة التي سبقت العملية، سافر عملاء الموساد الثلاثة إلى دمشق من عدة مدن مختلفة: أحدهم جاء من باريس، والثاني من ميلانو، والثالث من عمان، وكان الثلاثة يحملون جوازات سفر مزورة تشير إلى أنهم رجال أعمال ووكلاء سياحة . وهناك التقوا مع بعض عملاء الموساد من دمشق حيث أخذوهم إلى كاراج مخفي، ووضعوا المتفجرات في سيارة أجرة . وكانت في انتظار مغنية فرقة من العملاء مهمتهم إخطار الرجال الثلاثة بخروجه من شقة زوجته السرية . وكان الرجال الثلاثة قد وصلوا إلى المطار بعد تجهيز السيارة التي من المقرر أن يتم تفجيرها من مسافة بعيدة عبر وسائل إلكترونية بعد أن أوقفوها في المكان الذي من المفترض أن يوقف مغنية فيه سيارته، وفعلاً تم تفجير السيارة عند خروجه بتاريخ 12 شباط 2008.
ويشير الكاتب إلى أن المخابرات السورية بالتعاون مع نظيرتها اللبنانية قد ألقت القبض على العميل الذي كان يعمل لصالح الموساد لمدة عشرين سنة براتب سبعة آلاف دولار، وقد كان في الخمسينيات من عمره، كان يزور سورية بين الفترة والأخرى في مهمات للموساد، وقد تبين أنه كان يحمل أدوات تصوير دقيقة، كان يستخدمها لملاحقة مغنية وجمع معلومات عنه، حسبما يرد في الكتاب
والمبحوح أيضاً..
ويتحدث الكاتبان عن تفاصيل عملية اغتيال محمود المبحوح القيادي في حركة حماس في إمارة دبي، المولود في عام 1960 في مخيم جباليا للاجئين في شمالي قطاع غزة. اعتقلته السلطات الإسرائيلية بتهمة حيازة الكلاشينكوف، وقد أطلق في أقل من سنة، ثم انضم لكتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحماس.
شاشة بلازما
يشير الكاتبان إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتمع في تل أبيب مع مائير داغان، رئيس الموساد السابق، الذي كان يشعر بثقة عالية بعد تفجير “المفاعل” في سورية، وبعد اغتيال الضابط السوري محمد سليمان وعماد مغنية، وذلك للتباحث حول طريقة التخلص من المبحوح الذي لقبه الإسرائيليون بـ”شاشة بلازما”.
كان المبحوح يؤمّن تهريب الأسلحة من إيران عبر السودان، إلى شبه جزيرة سيناء ثم قطاع غزة . وحين الاجتماع تم الإجماع على اغتياله في فندق ينزل فيه بدبي، وقام حينها فريق العملية بالتدريب على فندق في تل أبيب من دون أن تلاحظ إدارة الفندق ذلك. كان المبحوح يعمل تحت إمرة صالح شحادة، الذي كلّف بمهمة مع عدد من عناصر حماس بعملية خطف وقتل جنديين إسرائيليين، هما آفي ساسبورتاس، وبعده بفترة إيلان سادون، إلا أنه في العملية الثانية اضطر للذهاب إلى مصر ثم إلى الأردن مستمراً في نشاطاته في تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة . إلا أنه تعرض للاعتقال في مصر في ،2003 ثم هرب إلى سورية، وأصبح في تلك الفترة مطلوباً من أجهزة الاستخبارات المصرية والأردنية والإسرائيلية.
كان المبحوح حذراً في تحركاته، متوقعاً ظهور عملاء الموساد في أي لحظة، لكن في مقابلة له مع قناة “الجزيرة”، أقر بأن الموساد حاول اغتياله في دبي وبغداد وسورية، وكانت المقابلة ضد إرادة المبحوح، الذي وافق على الظهور ووجهه مغطى بالأسود، ولم تبث المقابلة إلا بعد وفاته، ويذكر الكاتب أن نسخة من المقابلة وصلت إلى يد عملاء الموساد عندما أرسل إلى غزة للتدقيق فيها، وكانت سبباً في تحديد مكانه في ما بعد .
يتحدث الكاتبان عن تفاصيل خطة الموساد في اغتيال المبحوح، الذي كان مقرراً أن يجري صفقة سلاح، وكان يحمل جواز سفر لرجل أعمال عراقي، وصل إلى مطار دبي الساعة الثالثة والربع بعد الظهر، ثم توجه إلى فندق “روتانا البستان”، وعند التوجه إلى غرفته رقم 230 التي اغتيل فيها بسم يسبب أزمة قلبية ثم بوسادة، وكان منفذو العملية يحملون جنسيات مزوّرة لعدد من الدول الأوروبية، وسبق أن زاروا دبي أكثر من مرة لأجل العملية.
وقد أعلنت شرطة دبي بعد إجراء الفحوص اللازمة للجثة أن المبحوح اغتيل من قبل الموساد، الذين ظهرت أحماضهم النووية وبصماتهم، كما كانت الكاميرات قد التقطت صورهم في دبي. وبسبب حالة تزوير جوازات السفر، طردت بريطانيا، أستراليا وإيرلندا ممثلي إسرائيل من أراضيها، ويبين الكاتب أن إمارة دبي عصية على الموساد، بسبب قوتها التكنولوجية في كشف الجرائم وأمنها الصارم!!.