Header Ad

التصنيفات

كلمات اختزلت رحلة الحياة في حضرة الموت

ثمة كلمات تنطل ق من عِقالها في اللحظة الاخيرة التي تنبض فيها غريزة الموت بقوة، في محاولة لاستيعاب الكينونــة الكلية في قوْل ومقال، اختصاراً لحقبة عاشها الانسان المنطفئ في لحظته الراهنة.وكثيرٌ من العظماء، سَجّلت لهم اللحظات الاخيرة من الحياة، بضع كلمات، أو جُمل، أو أصوات غير مفهمومة، أو رِعْشةٌ، أرّخت لمشاعرهم وفزعها، من هول الاقتراب من الموت، فكأنها كلمات احلّت الطمأنينة في الروح المنطلِقة الى السماء. ولعلّ الاغريق الذين سعوا الى قهر الموت بأسلحة رمزية، منها الفن، كانوا في الغالب يستمعون الى ما يقوله الانسان في لحظة الاحتضار فيصمتون وينصتون الى جثة الميّـت، في محاولة لفهم مغزى الهلاك. 
وفي الوقت الحاضر، مثلما الماضي فإن مغزى الكلمة الاخيرة يبقى تلخيصاً لحكاية الانسان مع الحياة الآفلة، المخلّدة بالذكرى والكلمات.

الإسكندر الأكبر: سيخلفني الأقوى
وربما كانت آخر كلمة للإنسان قبل ان يُسلم الروح الى بارئها، افصاح عن نتيجة منطقية، فحين سُئِلَ الإسكندر الأكبر عمّن سيخلفه قال : الأقوى.
والإسكندر الذي يعد من أشهر القادة العسكريين والفاتحين عبر التاريخ ( الولادة سنة 356 ق.م ) لم يحصل أن هُزم في أية معركة خاضها على الإطلاق، حين توفي في قصر نبوخذ نصَّر ببابل، سنة 323 ق.م، أمضى ليلته الاخيرة مع نيارخوس حيث تسامرا وشربا الخمر حتى مطلع الفجر. بعد ذلك أصيب بحمّى قوية، استمرت بالتفاقم حتى أضحى عاجزاً عن الكلام، وخشي عليه جنوده وأصابهم القلق، فمُنحوا الإذن بأن يصطفوا بالطابور أمامه ليسلموا عليه، وقد ردّ عليهم السلام بالإشارة وهو يصارع الموت. ثم مات بعد أن عذبه الألم عذابا قويا. وكانت الكلمة الاخيرة له قبل الموت، حين سُئِل عمّن سيخلفه في الحكم، قائلاً بأنه ( الاقوى )، مصحوبة ببضع اشارات لم يفهمها الذين كانوا حوله. 

انطونيو: لم أسقط

مارك أنطونيو، كان قائدا وسياسياً وقنصلا رومانيا ولد بروما نحو سنة 83 ق.م. ومات بالإسكندرية سنة 30 ق.م، فقد أسطوله في معركة بحرية وكان نداً منافساً لجيش اوكتاڤيان, هجره جنوده بأعداد غفيرة. فقد خسر أنطونيو آلاف الفرسان تحت جنح الظلام قبل أن تُتاح له فرصة ملاقاة اوكتاڤيان على الأرض، الأمر الذي تركه بدون قوة فعالة، حينها حاول الهرب من المعركة، كما دس له أعداؤه رسالة كاذبة مفادها إلقاء القبض على حبيبته كليوباترا, مما اضطره الى الانتحار، وكانت كلماته الاخيرة وهو يحتضر بين يدي كليوباترا: (لم اسقط بطريقة مخزية فأنا روماني هزمني روماني آخر). 

نابليون : البقاء لفرنسا

وثمة أدلة جديدة تؤيد نظرية قديمة وهي أن الإمبراطور نابليون بونابرت مات بالتسمم بمادة الزرنيخ وليس بالسرطان. ويقول خبراء إن مستوى مادة الزرنيخ التي وُجدت في شعر نابليون أعلى من المعدلات العادية مما أضاف الدليل على ذلك.
وهذا الرجل الذي احتلت جيوشه غالبية القارة الأوروبية في وقت ما، توفي منفيا في جزيرة سانت هيلانة بالمحيط الأطلسي العام 1821 عن 51 عاما، كانت كلماته الاخيرة تؤكد غروره الذي عُرف به طيلة حياته، اذ صرخ قبيل وفاته: (البقاء لفرنسا.. والجيش.. وجوزفين).

ميكافيلي : سأذهب الى الجحيم

نيكولا دي برناردو دي ميكافيلّي (1469 – 1527) المفكر والفيلسوف والسياسي الإيطالي إبان عصر النهضة، والمؤسس للتنظير السياسي الواقعي، وصاحب فكرة (الغاية تبرر الوسيلة)، وواضع أسس دراسات العلم السياسي، حتى اشتهر بكتابه ( الأمير) الذي نُشِرَ بعد موته، وأيّد فيه فكرة أن ما هو مفيد فهو ضروري، والتي كان عبارة عن صورة مبكرة للنفعية والواقعية السياسية، كانت نهاية حياته بالمرض، وكان آخر كلماته التي ردّدها مَنْ كانوا حوله ( سأذهب الى الجحيم حيث أتمتع بصحبة الباباوات وملوك أوروبا). 

هنري الثامن : رهبان في كل مكان

وصرخ الملك البريطاني هنري الثامن (1491 – 1547) حين اسلم الروح ( رُهبان.. رُهبان في كل مكان)، وهو الذي يخشى زعماء الكنيسة وسعى الى النيل منهم بكل الوسائل، ولعب دورا كبيرا في انفصال كنيسة إنجلترا عن الكنيسة الكاثوليكية بعد صدامه مع سلطة الباباوية وحل الأديرة وتعيينه لنفسه رأسا لكنيسة إنجلترا. 

عبد الناصر: انا الان (اسْتريّحت)

ويروي الدكتور الصاوي محمود حبيب الطبيب الخاص للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر (1918 – 1970) أن عبد الناصر تناول كأساً من العصير وهو راقد على الفراش في بيته بعد شعوره بالتعب والإرهاق، لكنّ الموت كان متربصاً به اذ مات وكلمة ( انا الان اسْتريّحت ) بين شفتيه.

كريستوفر ستيفنز : زنقة

وكانت الكلمات الاخيرة التي سمعها المحيطون بكريستوفر ستيفنز ( 1960 – 2012)، السفير الاميركي في ليبيا في بنغازي قبل مقتله في هجوم نفذه مسلحون احتجاجا على فيلم اميركي اعتبروه مسيئا للإسلام: ( اني استمع الان الى خطاب القذافي، زنقة، زنقة، دار، دار)، وبعد ذلك الحديث اختطت الدماء بالدخان في السفارة ليخرج السفير جثة هامدة بعد موته خنقا، على يد خليط من جمهور بين متفرج ومشارك في التظاهرات وأفراد أمن.

القذافي: أنا والدكم

وفي العشرين من أكتوبر 2011 عندما قُصِف رتل سيارات الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي ( 1942 – 2011) بمدينة سرت في ساحة المعركة بواسطة طائرة بريديتور أميركية بدون طيار وطائرة ميراج فرنسية تمكّن ثوار من الإمساك به وكان قد بلغ من العمر 69 عاما وقتله بالرصاص والتمثيل بجثته، وكان القذافي قبل مقتله مندهشا، ومرتبكاً وتفوّه قائلا : (لا تقتلوني انا والدكم ) نقلها عنه الذين تولوا
الامساك به وقتله.

جون فيلبي: مللت العرب

و هاري سانت جون بريدجر فيلبي (1885 – 1960)، والمعروف باسم جون فيلبي أو الشيخ عبد الله، هو مستعرب، ومستكشف، وكاتب، وموظف بمكتب المستعمرات البريطاني، أعلن إسلامه، لعب دوراً محورياً في ازاحة العثمانيين عن المشرق العربي وخاصة عن السعودية والعراق والأردن وفلسطين. 
وفي العام 1955، و في طريق عودته من مؤتمر للاستشراق في موسكو، توقف فيلبي في بيروت لزيارة ابنه كيم في سبتمبر 1960 وبينما هو في سريره و ابنه بجانبه, قال كلمته الاخيرة وهو يتجرع سكرات الموت : ( يا إلهي, أنا ضجر)، وتابع قائلا : (أخيرا.. لقد مللت العرب)، ثم أغمض عينيه نهائيا ودفن في بيروت.

كارليل: هذا هو الموت

المؤرخ البريطاني توماس كارليل ( 1795 – 1881) كاتب إسكتلندي وناقد ساخر، وكان لأعماله تأثير كبير في العصر الفكتوري، وهو من عائلة كالفينية صارمة كانت تأمل أن يصبح واعظاً إلا أنه فقد إيمانه بالمسيحية أثناء دراسته بجامعة إدنبرة. توفي في 5 فبراير 1881 في لندن وكان يقول وهو يحتضر: (إن كان هذا هو الموت OK).

غوردون : أين المهدي؟
واللواء تشارلز جورج غوردون ( 1833 – 1885) المعروف بلقب (غوردون الصين) و(غوردون باشا) و(غوردون الخرطوم) كان ضابطاً وإدارياً في الجيش البريطاني، ويخلّد لحملاته في الصين وشمال أفريقيا، حيث عينه خديوي مصر في العام 1873، حاكما على جنوب السودان، ثم عُيّن حاكما عاما على السودان. حتى قُتِل يوم سقوط الخرطوم، ليعبر عن مرارة الهزيمة بالقول: (المهدي.. أين المهدي.. أين هو؟). 

رابين: أرجو ألا يكون فلسطينياً

وحين أُغتيل إسحق رابين (1922 – 1995 ) رئيس وزراء اسرائيل السابق قال: (أرجو ألّا يكون فلسطينياً)، حينما اغتاله يهودي، ليصبح أول رئيس وزراء إسرائيلي يموت اغتيالاً.

آنشتاين : كلام غير مفهوم
ولم يُفْهَم بالضبط ما ردده عالم الفيزياء الشهير انشتاين (1879 – 1955) حين قال قبل وفاته كلاما باللغة الألمانية لم تفهمه ممرضته الأميركية.
فقد قالت الممرضة انها سمعته يتحدث عن أمر شعرت بأهميته، لكنها لم تفهم فحواه وتمنت لو انها نجحت في نقله او تسجيله.
انشتاين واضع النظرية النسبية الخاصة والعامة الشهيرتين اللتين كانتا اللبنة الأولى للفيزياء الحديثة، حاز في العام 1921 على جائزة نوبل في الفيزياء عن ورقة بحثية عن التأثير الكهروضوئي ضمن ثلاثمائة ورقة علمية أخرى له في تكافؤ المادة والطاقة و ميكانيكا الكم و غيرها، وأدت استنتاجاته المبرهنة إلى تفسير العديد من الظواهر العلمية التي فشلت الفيزياء الكلاسيكية في اثباتها. 

جاين أوستن : هذيان الرواية

الروائية الإنجليزية جاين أوستن ( 1775 – 1817)، حيث تُعد رواياتها من أفضل ما كتب في اللغة الإنجليزية، بدأت تشعر في أوائل العام 1816 بأنها ليست على ما يرام، لكنها تجاهلت مرضها في البداية، واستمرت في عملها ولم تكن راضية عن الانجاز في روايتها ( Elliots ) فسعت الى اكمال بقية فصولها قبل أن تتوقف عن العمل بسبب المرض. تُوفيت أوستن عن عمر يناهز الواحد والأربعين عاما، وكانت تهذي بنصوص من روايتها الاخيرة.

مانلي هوبكنز : كم أنا سعيد

جيرارد مانلي هوبكنز(1844 – 1889م). شاعر انجليزي في العصر الفكتوري، كتب معظم أشعاره في الوزن الشعري الخفيف، وأشعاره تؤكد التناغم الطبيعي، وجرس الكلمات. وانعكست قناعته ورضاه بالحياة في كلمات قالها قبل رحيله الابدي : ( كم أنا سعيد)..

الفيلسوف كانت: هذا يكفي

والفيلسوف الالماني إيمانويل كانت (1724 – 1804)، كان آخر فيلسوف مؤثر في أوروبا الحديثة خلال عصر التنوير، ابتكر منظورا واسعا جديدا في الفلسفة حتى القرن الواحد والعشرين، وكانت آخر الكلمات التي نطق بها وهو يحتضر تعبيرا عن معاناة اللحظة وألم الاحتضار حين تمتم : ( آه، آه، آه، هذا يكفي).

لويس كارول : تقاسموا الوسادات

ولويس كارول ‏(1832- 1898) وهو الاسم المستعار للكاتب وعالم الرياضيات والمصور الفوتوغرافي الإنكليزي تشارلز لوتويدج دودسن، مؤلف قصة (أليس في بلاد العجائب )، نطق بكلماته الاخيرة لحظة الاحتضار، مردداً (تقاسموا الوسادات لن أحتاج لها مرة أخرى).

عرفات: إنهم يريدون التخلص مني

على رغم من ان وفاة الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (1929 – 2004)، اثارت الكثير من الشكوك حول اسباب موته، الا ان البعض، ومنهم الكاتب المصري محمد حسنين هيكل، يعتقد جازما أن وفاة عرفات لا يمكن ان تكون طبيعية. ويذكّر هيكل بما قاله شارون للرئيس الأميركي جورج بوش، حول مساعدة ملك الموت في قتل عرفات.
وحول اللحظات الاخيرة في حياة عرفات يروي قاضي قضاة فلسطين وقتها، الشيخ تيسير التميمي ان عرفات قبل موته قال له ( إنهم يريدون التخلص مني ).
غاندي: سيتجاهلونك ثم يحاربونك
و موهندس كرمشاند غاندي الملقب بـ المهاتما ( 1869 – 1948)، والذي اضحى رمزاً في مقاومة الاستبداد من خلال العصيان المدني الشامل،
اعتبرته بعض الفئات الهندوسية المتعصّبة خائناً لمناداته بحقوق الاقليات و في 30 يناير 1948 أطلق أحد الهندوس المتعصبين ويدعى جوتسى ثلاث رصاصات قاتلة سقط على أثرها المهاتما غاندي صريعا عن عمر يناهز 78 عاما ليقول قبل وفاته جملته الشهيرة (سيتجاهلونك ثم يحاربونك ثم يحاولون قتلك ثم يفاوضونك ثم يتراجعون وفي النهاية ستنتصر).

إسحاق نيوتن: الحقيقة أمامي

والسّير إسحاق نيوتن ( 1642 – 1727 )، عالم إنجليزي، وأشهر عالم فيزيائي، وفيلسوف ومن أعظم علماء القرن الثامن عشر في الرياضيات و الفيزياء. حلل قوة الجاذبية الكونية ومهّد الطريق لعلم الميكانيكا الكلاسيكية عن طريق قوانين الحركة، كتب العبارة التالية قبل موتهِ : ( إنني أبدو مثـل طفـلٍ يلعبُ فـي ساحل البحـر، ويجـدُ من وقتٍ لآخر حصاة ملساء أو قوقعة جميلة , أجمل من مثيلاتها , إلا أن الحقيقة كلها تمتدُّ أمامي مثل مُحيطٍ واسع عظيم لم أكتشف منهُ أي شيء بعد) 
ستالين : الموت هو الحل
وليس الموت قضية تثير اشكاليات لدى الكثير من الزعماء، منهم جوزيف ستالين ( 1878 – 1953) المؤسس الحقيقي للاتحاد السوفيتي، والزعيم الذي قاده إلى مصاف القوى العظمى، وتوفي في ظروف غامضة في منزله الريفي في ضواحي العاصمة الروسية موسكو، فقد كان ستالين ينظر الى الموت بانه ” الحل لكل المشاكل. لا رجال، لا مشكلة “، كما كان يردد دائما وهو في عز سلطته.
سقراط : ابتسموا للموت
الفيلسوف اليوناني الكلاسيكي سقراط (469-39 ق.م ) الذي يعتبر أحد مؤسسي الفلسفة الغربية، واحد المؤسسين في مجال علم الأخلاق، حين حُكِم عليه بالموت واقتربت نهايته قال لتلاميذه : (يُخطئ من يظن أن الموت شر، ابتسموا إذن للموت واعلموا علم اليقين أنه يستحيل على الرجل الصالح أن يصاب بسوء لا في حياته ولا بعد موته)، وتابع قائلاً وهو يتجرع كأس السم على مضض ( لقد أشرفت ساعة الرحيل وسينصرف كل منّا إلى سبيله فأنا إلى الموت، وأنتم إلى 
الحياة ).