Header Ad

التصنيفات

الاتفاق الذي كان قد وقع في لندن ؟

العراق تايمز/ لمن يسمع بوعد بلفور ويجهل مضامينه، والاطراف المتعاقدة فيه، فليعلم أنها اتفاقية  وُقـّـعـت من قبل فيصل الأول ابن حسين بن علي الهاشمي مع حاييم وايزمان رئيس المنظمة الصهيونية العالمية في مؤتمر باريس للسلام 1919، حيث يـُعطى اليهود بموجبها تسهيلات في إنشاء وطن في فلسطين والإقرار بوعد بلفور وهاي الاتفاقية التي سميت فيما بعد باتفاقية ” فيصل – وايزمان”.
وقد كان مضمون الاتفاق الذي كان قد وقع في لندن، إنجلترا في اليوم الثالث من شهر كانون ثاني سنة 1919كالتالي:
(ان الأمير فيصل ممثل المملكة العربية الحجازية والقائم بالعمل نيابة عنها والدكتور حاييم وايزمن ممثل  المنظمة الصهيونية والقائم بالعمل نيابة عنه، يدركان القرابة الجنسية والصلات القديمة القائمة بين العرب والشعب اليهودي ويتحقق أن أضمن الوسائل لبلوغ غاية أهدافهما الوطنية هو في اتخاذ أقصى ما يمكن من التعاون سبيل تقدم الدولة العربية وفلسطين ولكونهما يرغبان في زيادة توطيد حسن التفاهم الذي بينهما فقد اتفقا على المواد التالية:

1- يجب أن يسود جميع علاقات والتزامات الدولة العربية وفلسطين أقصى النوايا الحسنة والتفاهم المخلص وللوصول إلى هذه الغاية تؤسس ويحتفظ بوكالات عربية ويهود معتمدة حسب الأصول في بلد كل منهما.
2- تحدد بعد اتمام مشاورات مؤتمر السلام مباشرة الحدود النهائية بين الدول العربية وفلسطين من قبل لجنة يتفق على تعيينها من قبل الطرفين المتعاقدين.
3-عند إنشاء دستور إدارة فلسطين تتخذ جميع الإجراءات التي من شأنها تقديم أوفى الضمانات لتنفيذ وعد الحكومة البريطانية المؤرخ في اليوم الثاني من شهر نوفمبر سنة 1917.
4- يجب أن تتخذ جميع الإجراءات لتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين على مدى واسع والحث عليها وبأقصى مايمكن من السرعة لاستقرار المهاجرين في الأرض عن طريق الاسكان الواسع والزراعة الكثيفة. ولدى اتخاذ مثل هذه الإجراءات يجب أن تحفظ حقوق الفلاحين والمزارعين المستأجرين العرب ويجب أن يساعدوا في سيرهم نحو التقدم الاقتصادي.
5- يجب أن لا يسن نظام أو قانون يمنع أو يتدخل بأي طريقة ما في ممارسة الحرية الدينية ويجب أن يسمح على الدوام أيضا بحرية ممارسة العقدية الدينية والقيام بالعبادات دون تمييز أو تفصيل ويجب أن لا يطالب قط بشروط دينية لممارسة الحقوق المدنية أو السياسية.
6- إن الأماكن الإسلامية المقدسة يجب أن توضع تحت رقابة المسلمين.
7- تقترح المنظمة الصهيونية أن ترسل إلى فلسطين لجنة من الخبراء لتقوم بدراسة الإمكانيات الاقتصادية في البلاد وأن تقدم تقريرا عن أحسن الوسائل للنهوض بها وستضع المنظمة الصهيونية اللجنة المذكورة تحت تصرف الدولة العربية بقصد دراسة الإمكانيات الاقتصادية في الدولة العربية وأن تقدم تقريرا عن أحسن الوسائل للنهوض بها وستستخدم المنظمة الصهيونية أقصى جهودها لمساعدة الدولة العربية بتزويدها بالوسائل لاستثمار الموارد الطبيعية والإمكانيات الاقتصادية في البلاد.
8- يوافق الفريقان المتعاقدان أن يعملا بالاتفاق والتفاهم التامين في جميع الأمور التي شمتلتها هذه الاتفاقية لدى مؤتمر الصلح.
9- كل نزاع قد يثار بين الفريقين المتنازعين يجب أن يحال إلى الحكومة البريطانية للتحكيم.
ومن المعلوم ان وايزمان كان قد رفض في عام 1903 فكرة اختيار أوغندا مكانا بديلا لليهود ينشئون عليه دولتهم بعيدا عن فلسطين، وقال عام 1906 أثناء مقابلته جيمس أرثر بلفور: “إن اليهود يعتقدون أن استبدال فلسطين بأي بقعة أخرى في العالم نوع من الكفر، فهي أساس التاريخ اليهودي، ولو أن نبي الله موسى نفسه جاء ليدعو إلى غيرها ما تبعه أحد، وسيأتي اليوم الذي سننجح فيه في استعادة بلادنا،  فهذا أمر لا شك فيه”.
وقدانقسمت الحركة الصهيونية بعد فكرة أوغندا والمؤتمر الصهيوني السابع عام 1907 م إلى قسمين:
– الصهيونية السياسية التي كانت تسعى للحصول على تصريح من السلطان العثماني قبل التفكير في العودة إلى فلسطين.
– والصهيونية العملية التي عملت على إحياء اللغة العبرية، والاهتمام بالناحية الروحية وخلق واقع صهيوني في فلسطين.
وقد نص صك الانتداب البريطاني في فلسطين في مادته الرابعة على “إقامة وكالة يهودية معترف بها لتقديم النصح للإدارة البريطانية، والتعاون معها في الميادين الاقتصادية والاجتماعية وغيرها فيما يتعلق بتأسيس الوطن القومي اليهودي مع اعتبار الجمعية الصهيونية القائمة هي الوكالة اليهودية حتى يتم تشكيلها”، فدعا وايزمان المنظمات اليهودية العالمية للاجتماع عام 1929 م لانتخاب أعضاء الوكالة وتم الاجتماع وانتخبت الوكالة وظهرت إلى الوجود في العام نفسه وأصبحت تتحدث باسم اليهودية العالمية.
وافق وايزمان على الكتاب الأبيض الذي أصدرته الحكومة البريطانية عام 1930 م بعد اتصالات هادئة أجراها مع رئيس الحكومة رمزي ماكدونالد على السماح بهجرة 40 ألف يهودي إلى فلسطين عام 1934 و62 ألفا عام 1935 وحصل بذلك على خطاب بالموافقة من ماكدونالد فأعلن موافقته على الكتاب الأبيض لكن المؤتمر الصهيوني رفض ذلك وطالب بوضع مواثيق تضمن ما أسماه بعدم التنازل ونصحهم وايزمان بالعمل وبألا يضيعوا أوقاتهم في مثل هذه المواثيق لكن المؤتمر رفض وأسقط وايزمان وانتخب مكانه سوكولوف للرئاسة، لكن وايزمان عاد ونجح في الانتخابات التي أجريت عام 1935.
في هذه الأثناء اختير وايزمان مستشارا كيميائيا فخريا لوزارة التموين التي كان يرأسها “هربرت موريسون” وخصص له معمل يجري فيه أبحاثه وتجاربه وبدأ تجاربه في إنتاج البنزين الصناعي عن طريق التقطير وعن عمليات التخمير واستخراج الكحول والمطاط الصناعي.
وقال حاييم وايزمان في مذكراته، “ان انشاء الكيان السعودي هو مشروع بريطانيا الاول.والمشروع الثانى من بعده انشاء الكيان الصهيونى بواسطته” وأضاف “انه يتمنى بعد انتهاء الحرب مساعدة “عبد العزيز آل سعود” في أن يصبح سيدا على الشرق على ألا يعارض في تحقيق أهدافه”.
وحينما غادر وايزمان بريطانيا عام 1942 م لتلبية دعوة من الولايات المتحدة للإقامة بها لمواصلة إنتاجه من  المطاط الصناعي، قال له تشرشل وهو يودعه، “اريدك تعلم يا وايزمان اننى وضعت مشروعا لكم ينفذ بعد نهاية الحرب (الحرب العالمية الثانية) يبدأ بأن ارى ابن سعود سيدا علي الشرق الاوسط وكبير كبرائه، علي شرط ان يتفق معكم اولا، ومتى قام هذا المشروع، عليكم ان تاخذوا منه ما امكن وسنساعدكم في ذلك، وعليك كتمان هذا السر، ولكن انقله الي “فرانكلين روزفلت”، وليس هناك شئ يستحيل تحقيقه عندما اعمل لاجله انا، و “روزفلت” رئيس الولايات المتحدة الامريكية”.
وفي عام 1947 م وأثناء إقامة وايزمان في الولايات المتحدة عرضت بريطانيا القضية الفلسطينية برمتها على الأمم المتحدة، وركز وايزمان جهده لمتابعة مشروع تقسيم فلسطين كما عرض آنذاك.
و قد لعب وايزمان دوراً رئيسياً في قيام إسرائيل.  فقد اتفق وايزمان ورئيس الولايات المتحدة الأميركية ترومان على خطة التقسيم التي ستعمل الولايات المتحدة بثقلها على إقرارها في داخل أروقة الأمم المتحدة، واتفق معه على أن صحراء النقب ستكون تابعة لإسرائيل بعد أن أثبتت الأبحاث العلمية وجود المياه الجوفية بها وعلى أن يكون لإسرائيل منفذ على البحر الأحمر.
وصدر قرار التقسيم بالفعل في 29 نوفمبر عام 1947 م بموافقة 33 صوتا ضد 13 صوتا وقبل اليهود القرار على الفور لأنه أعطاهم الأرض التي كانوا يحلمون بها، بينما قاوم العرب هذا القرار، ولكي تتجنب واشنطن الغضب العربي والإسلامي تحايلت على الوضع فقررت في 19 مارس عام 1948 م، إعادة النظر في الأمر وعرض الموضوع على الجمعية العامة للأمم المتحدة لاتخاذ قرار بوضع فلسطين تحت الوصاية الدولية بمجرد انتهاء الانتداب يوم 15 مايو 1948م.
لكن رد وايزمان كان قاطعا “إنني لا أقيم وزناً لخرافة القوة العربية العسكرية ولا بد لليهود من إعلان استقلالهم في اليوم التالي لانتهاء الانتداب هذه هي الخطوة العملية للخروج من هذا الموقف”، وبالفعل في 14 مايو 1948 م أعلن بن غوريون قيام الدولة اليهودية واعترفت بها على الفور الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي.
لقد كان وايزمان علمانيا، وكان يدرك علمانية الحضارة الاوروبية، ويدرك ايضا تلاقي المصالح الامبريالية والصهيونية، فدولة اليهود تحتاج الى حماية وبريطانيا تحتاج الى قاعدة في المنطقة أي ان وايزمان كان يدرك ان الدولة الصهيونية دولة وظيفية.
وقد كان وايزمان من المطالبين بإدخال الصفة الإثنية على الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة.  وقد كان على خلاف مع “فلاديمير جابوتنسكي” الذي كان يتبنى الحد الاقصى ويعلن دائما عن الاهداف.  ويسجل لوايزمان انه وسع الوكالة اليهودية لتضم يهودا ليسوا صهاينة حتى يدعون بين جماعاتهم للمشروع الكبير.
قال وايزمان حينما عرف عن طرد العرب من مدنهم وقراهم عام 1948م قال عن ذلك، انها معجزة ادت الى تطهير ارض اسرائيل.
وهذا يدل ان وايزمان كان يتحرك داخل اطار حلولي بدون اله كونه علماني، فحينما عُرض عليه أن يكون اليهود في فلسطين في وضع الاقلية، وعليهم بأن يتعايشوا مع العرب الفلسطينيين، تمتم بكلمات ذات نسق حلولي مثل، “الرب سيضع يده مرة ثانية ليستعيد بقية شعبه ويرفع راية لكل الأمم، وسيجمع المشردين من إسرائيل وسيجمع المشتتين من يهودا من أركان الأرض الأربعة”.
كان وايزمان سياسيا محنكا وماكرا، فقد كان يعلن ما لا يضمر، وكان يراوغ كثيرا في خطابه السياسي المعلن لاي جهة او فريق.
كان يقول مثلا بانه ليس من الضرورة ان يكون اليهود اكثرية في فلسطين وهو يعني العكس، لان افعاله تكون في العادة غير اقواله.
وربما كان يعلن مثل تلك الشعارات لاجل عدم اثارة مسئولي الامبراطورية البريطانية التي تهتم في العادة بمصالحها العليا والبعيدة احيانا مع العرب، ووايزمان في نفس الوقت حينما يعلن قبوله المراوغ ان يكون اليهود اقلية في فلسطين فإنما هو في نفس الوقت يغضب زعماء الحركة الصهيونية الاخرين الذين سمعوا منه سابقا عن مواقفه المتشدده بان يكون اليهود اكثرية في فلسطين!  في عام 1931م كلفه هذا الاسلوب المراوغ ان اهتزت ثقة الصهاينة به فخسر الانتخابات وتخلى عن رئاسة الوكالة اليهودية.
ومع صعود هتلر للسلطة، زاد عدد المهاجرين اليهود إلى فلسطين وأعيد انتخاب وايزمان لرئاسة الوكالة اليهودية عام 1935م.
و في عام 1948 اختير وايزمان رئيسا للمجلس الرئاسي المؤقت وفي عام 1949 انتخب كأول رئيس للدولة الإسرائيلية.
وقد ألف وايزمان في عام 1949 كتابه الذي يتضمن سيرته الذاتية “التجربة والخطأ” وبعد صراع مع المرض توفي عام 1952 م عن عمر يناهز 78 عاما.