Header Ad

التصنيفات

ألقاب الملوك والزعماء.. درر من كلمات في قلائد الهيبة والتبجيل

لمّا يزل زعماء معاصرون من الملوك والرؤساء يحملون الالقاب ويغدقون بها، و يحرصون على تداولها، على رغم ان العصر الحالي هو عصر الديمقراطيات التي تأبي تمجيد الاشخاص بألقاب وصفات، كانت طوال التاريخ رمزا من رموز التعالي على الجمهور أو الانفصال عنه. وربما احتفظت ملكيات عريقة وأنظمة مخضرمة ببعض من القابها القديمة وسعت الى (عصرنتها) لكي تصبح ملائمة للحاضر، مثلما يشهد العصر الحالي، عصر العلم وسيادة الجماهير، تداول الكثير من الالقاب التي غالبا ما تطلق اما بصورة عفوية من قبل الجمهور، كونها احدى ادوات التعبير السياسي تجاه الزعيم والقائد، أو انها تطلق لتجسيد حالة ايديولوجية او تمجيد لمكانة حاكم أو قائد حزب، لكنها في كل الأحوال، ليست القابا رسمية تخضع لمراسيم واشتراطات بلاط او كرسي الحكم كما في السابق، اذ لجأت حتى الاحزاب اليسارية ومنها الاحزاب الشيوعية او القومية الى الالقاب لتأكيد مكانة زعمائها مثلما لجأت الملكيات الحديثة وحتى الجمهوريات الى تمجيد رموزها عبر الفاظ الفخامة والرفعة والتخليد. وفي العربية فان اللَّقَب هو النَّبْز، وهو اسمٌ غير مسمى به، والجمع أَلْقَابٌ.


يشير الدكتور سعيد بن عمر أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر الى ان “العرب والمسلمين ولعوا بالألقاب فكان اللقب دائماً عزيزاً “. ويستطرد ” لعبت الألقاب دوراً خطيراً في تاريخ الدول الإسلامية، حيث كانت لكل دولة ألقاب يحملها حكامها. واختلفت هذه الألقاب بين الدول والشعوب حسب عادات وتقاليد وأعراف ذلك الشعب المحكوم و بيئته “. وفي الوقت الذي ظلت فيه الألقاب الملكية في بريطانيا اسلوبا متوارثا يستمد هيبته من تاريخ العرش البريطاني، فان الكثير من زعامات العالم سعت الى محاكاة الانكليز، عبر اغداق الالقاب على الذوات وسواها، على رغم انها لم تستطع بلوغ الشأن البريطاني في هذا المجال لعراقته وديناميكيته المتجاوبة مع
العصر.
وإذا كان أبناء العائلة المالكة البريطانية يحملون الالقاب، فأنهم يغدقون بها على السياسيين والنبلاء والشخصيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية المرموقة، بينهم أعضاء في مجلس اللوردات، الحاملون للقب (لورد) مدى الحياة.
وفي المملكة المتحدة، فان الألقاب الملكية تنحصر بين الملك والملكة والأمراء والأميرات، في حين يتمتع آخرون بألقاب النبلاء، ممن ينتمون إلى الأرستقراطية البريطانية، توارثوها أبا عن جد.
ويملك (العاهل) أو (العاهلة) قيمة رمزية عالية وهو رئيس الدولة، وفقا للدستور البريطاني غير المكتوب، كما أن قسم الولاء يوضع باسمه وباسم ذريته المشروعة، وليس باسم البرلمان أو الأمة.
ومنذ إليزابيث الأولى (1533 – 1603 ) التي كانت ملكة إنكلترا وآيرلندا ولقبت ب (الملكة الأم ) لكن الملك “هنري الثامن” أوصى بعدم خلافة ابنته قي الحكم حيث انه اعتبرها ابنة غير شرعية بعد ان اتهم امها الملكة “آن بولين” بالخيانة، فان الانكليز من الشعوب القلائل التي لم تنقلب على ملوكها واغدقوا عليهم بصفات الفخامة والتبجيل، معتبرين اياهم رموزا للدولة وهيبتها وان لم يحكموا.
وللمؤسسة الملكية البريطانية علاقة بالعديد من الوجوه الاجتماعية الذين أدوا خدمات في مجالات العلم والأدب والفنون والسينما والاقتصاد والترفيه، اذ يمنح البعض لقب (سير) أي قائد، او لقب (لورد)، ومنهم الكاتب المسرحي برناردشو والفيلسوف بيرتراند راسل، والكاتب الراحل هارولد بينتر، لكن هؤلاء جميعا رفضوا حمل اللقب. كما تحمل السيدات لقب (ليدي) عندما تُمنح لقب (بارونة )، وتصبح عضوا في مجلس اللوردات. 

الباشا والسلطان والفاتح

ومن الذين عاصروا الالقاب الانكليزية ونافسوهم فيها، العثمانيون، الذين أغدقوا بلقب (الباشا ) على موظفين ومسؤولين ووجهاء اجتماعيين في الدولة، وهو مصطلح تركي مكون من لفظين، ويعني (حذاء) السلطان أو ( نعله)، على اعتبار أن السلطان العثماني كان هو السيد الأعلى وكل ما دونه خدم له أو عبيد عنده. 
ومن اهم الالقاب العثمانية (السلطان)، وهو كلمة عربية الاصل مشتقة من السلطة والقوة واستخدمه السلاجقة والعثمانيون. 
كما لُقّب الزعيم العثماني نفسه أيضا بـ(خليفة
المسلمين).
وبرز بين سلاطين العثمانيين محمد الثاني الذي نال لقب (الغازي) و (الفاتح) و(أبو الخيرات)، و هو سابع سلاطين الدولة العثمانية وسلالة آل عثمان، اذ آمن مسلمون بأن النبي محمد بن عبد الله(ص) تحدث عن أمير من أفضل أمراء العالم، هو من سيفتح القسطنطينية ويُدخلها ضمن الدولة الإسلامية، وبعد فتح القسطنطينية أضيف لقب “قيصر” إلى ألقابه وألقاب باقي السلاطين الذين تلوه. 
واتخذ الملك فاروق (1920 – 1965)، آخر ملوك المملكة المصرية وآخر من حكم مصر من الأسرة العلوية، واستمر حكمه مدة ستةعشرة سنة، لنفسه لقب ( ملك مصر والسودان) بعدما اصبحت مصر والسودان دولة واحدة ابان الاحتلال الانكليزي.
وفي عهده ايضا كانت الالقاب هي الصفة المميزة لرجالات مصر ونسائها من النخب، مقلدا في ذلك العثمانيين 
والانكليز.
صاحب الجلالة

ومن هذه الالقاب، (صاحب أو صاحبة العظمة ) ويُمنح للسلطان والسلطانة ولم يحمله سوى السلطان حسين كامل (1853 – 1917)، ( سلطان) مصر و (ملك) السودان خلال فترة الاحتلال البريطاني.
كما لُقّب الملك فؤاد الاول (1868 – 1936) وزوجته شويكار بـ(صاحب و صاحبة الجلالة ). و لُقب فؤاد ايضا بـ (سلطان) مصر من 1917 إلى 1922، ثم تغير اللقب وأصبح ينادى بـ(ملك) مصر و النوبة وكردفان ودارفور. ومُنح لقب (صاحب أو صاحبة السمو الملكي) لأبناء وبنات وأخوات الملك. كما مُنح افراد الاسرة المالكة لقب (امير) أو (اميرة). 

عزيز مصر

وسُمّي رئيس الوزراء بـ (صاحب الدولة)، و(صاحب المقام الرفيع)، و هو كل شخص حاصل على الوشاح الاكبر لمحمد علي المُلقب بـ(العزيز) أو (عزيز مصر)، هو مؤسس مصر الحديثة وحاكمها ما بين عامي 1805 إلى 1848..
و(صاحبة العصمة) يطلق على الاميرات اللاتي حصلن على وسام الكمال، وهو الذي حصلت عليه المطربة ام كلثوم من الملك فاروق، وهناك ايضا لقب (باشا ) وهو صاحب السعادة، أما ( بك ) فهو صاحب (العزة).
ويعدد الدكتور سعيد بن عمر، الكثير من الألقاب عند المسلمين وغيرهم، مثل لقب الإمبراطور والقيصر، و كسرى، والنجاشي، وذو القرنين، والفرعون، أو الخليفة أو أمير المؤمنين، والملك، والرشيد، والهادي، والمنصور، والمأمون، والسلطان، والأمير. ويذكّر بن عمر بألقاب أخرى تضاف إلى لفظ الجلالة (الله) كما عند العباسيين مثل العزيز بالله، والناصر لدين الله، والمتوكل على الله والمستعين بالله، والقائم بأمر الله.

غاندي.. المهاتما والروح العظيمة

وفي العصر الحديث، يُلفِت الانتباه الزعيم الهندي الراحل موهانداس كرمشاند غاندي ( 1869 – 1948)، السياسي البارز والزعيم الروحي خلال حركة استقلال الهند، وحَمَلَ غاندي لقبه الذي اشتهر به في جميع أنحاء العالم وهو ( المهاتما) ويعني (الروح العظيمة )، وهو تشريف اختاره له شاعر الهند العظيم رابندراناث طاغور. على ان لأهل الهند ألقابا، تدل على صنف الشخص وطبقته الاجتماعية وأصله، مثل (بك) و (خان) و (ديوان) و (راجا) و (ماهاراجا).

قياصرة ورفاق

وللروس قصص مختلفة حول الالقاب، منذ الإمبراطورية الروسية التي تأسست سنة 1721 مرورا بالبلاشفة، الى الوقت الحاضر، فقد كان زعماء روسيا يحملون لقب (القيصر) عبر قرون حتى سقطت الامبراطورية بقيام الثورة البلشفية في سنة 1917. 
وابتكر الشيوعيون لأنفسهم وزعمائهم لقب ( رفيق ) أي (الزميل) في الحزب الذي حمله باعتزاز ( كما يقول)، ماتسي تونغ (1893 – 1976) زعيم الحزب الشيوعي الصيني منذ 1935 حتى وفاته.
وبالتزامن مع ماو، كان هناك الزعيم الروسي الشيوعي ايضا وقائد الثورة البلشفية لينين ( 1870 – 1924) المؤسس للمذهب اللينيني السياسي رافعاً شعاره الأرض والخبز والسلام الذي نال لقب ( الرفيق )، و( زعيم الكادحين )، كما أُُغدق عليه لقب (ستاريك) ومعناه ( الرجل العجوز).

ستالين..اللقب الفولاذي

وحين تولى جوزيف ستالين واسمه الحقيقي (إيوسيف فيساريونوفيتش جوغاشفيلي) (1878 – 1953) السلطة، حمل ذات الالقاب، اضافة الى ان كلمة ( ستالين) هي كنية الزعيم القوي، وهي كلمة مشتقة من (ستال) و تعني (الفولاذ) بالروسية.
ولم يتخل الزعماء الروس عن منح الالقاب التي تتماشي مع روح العصر، لزعمائهم الحاليين، فقد منح الرئيس بوتين لقب (الرئيس الشرفي) للاتحاد الدولي للجيدو، وفي ذات الوقت طالب بوتين بعودة بعض القيم السوفياتية خصوصا منح لقب (بطل العمل) الذي كان يُكافَأ به العمال المتميزين بعملهم ابان الاتحاد السوفياتي السابق.

ملك الملوك

ومن اغرب زعماء الزمن المعاصر بألقابه المثيرة، الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي ( 1942 – 2011) الذي حمل ألقاباً على شاكلة ( ملك الملوك)، و (ملك ملوك افريقيا)، و (زعيم الحكام )، كما وصف نفسه بـ(إمام المسلمين) و(ملك الملوك). وتلقّبَ حكام الخليج بألقاب مثل (السلطان) و (الأمير) و(الملك) و(الشيخ).

الزعيم الأوحد

كما حمل زعماء الانظمة الشمولية والدكتاتورية في العصر الحديث القابا متشابهة، في معانيها وأشكالها ومراميها مثل ( القائد ) و ( المهيب ) و( الزعيم الاوحد ) و ( الملهم ). وأحد الامثلة الحية على ذلك الزعيم الكوري كيم ايل سونج (1912 – 1994) الذي هيمن على السلطة في بلاده طوال عقود وحمل لقب (الرئيس الابدي) و (الزعيم الذي لا يُقهر ).

الإمبراطور والقيصر

ومن الالقاب التي تحمل عبق التاريخ، لقب (الإمبراطور)، و يلقب به في الوقت الحاضر أكيهيتو في اليابان، الحامل للرقم 125 في السلسلة الإمبراطورية العتيقة، اذ تولى الحكم بعـد وفاة ابيه هيروهيتو في العام 1989.
ويلقب ملك الحبشة، بـ( النجاشي ) وهي لفظة حبشية، تطلق على مَنْ مَلَك َ الحبشة، وهو لقب لمن وُلّي على مملكة أكسوم شرق الحبشة وإرتريا الآن. ويسمي الروم ملكهم ( القيصر)، والفرس يسمونه (كسرى) و (خاقان) لمن ملَكَ الترك، وفرعون لمن مَلَكَ مصر بحسب (البداية والنهاية) لابن كثير.
والفرنسيون الذين حفلتهم حياة بلادهم السياسية بشتى الالقاب للملوك الذي حكموهم قبل الثورة الفرنسية، يستعيدون بعضا من حلاوة الالقاب بطريقة شفافة وساخرة، فيلقبون رؤساءهم الحاليين بما يتفق والحالة الشخصية للزعيم والظرف السياسي السائد، فقد لقب الجمهور الرئيس الحالي هولاند الذي هو الرئيس الرابع والعشرين للجمهورية الفرنسية، والسابع في ظل الجمهورية الخامسة التي بدأت العام 1958 بلقب (سيد الإليزيه اللطيف)، محاولين توصيف طموحاته الكبيرة و الهادئة، علاوة على حضوره وتأثيره على الجماهير دون
تكلف.
ومع ان غالبية ملوك فرنسا حملوا لقب ( الملك ) الا ان نابوليون بوناپرت (1769 – 1821 ) حمل لقب (الامبراطور ) بعد ان تمكن من اقامة إمبراطورية أوروبية
هائلة.

خارج السياق

لكن ثمة القاب ومسميات لمناصب تبدو خارج السياق العام المعمول به من جانب الوزارات والحكومات في العالم، ففي استراليا هناك منصب (الحاكم العام)، الذي تبوأه رؤساء حكومات هذا البلد من مثل مايكل جيفري، على سبيل المثال لا الحصر، وهناك منصب (الرئيس بالإنابة) في المانيا الذي شغله جينز بورنسن و لقب (المستشارة) لرئيس الحكومة الالمانية من مثل أنغيلا ميركل.

الفوهرر

و أدولف ألويس هتلر (1889 – 1945) السياسي الألماني النازي، و زعيم حزب العمال الألماني الاشتراكي الوطني والمعروف للعامة باسم الحزب النازي، لُقّب بـ(الفوهرر) وهي كلمة المانية وتعني (القائد).
وفي البلدان العربية اسُتخدِمت كلمة (عاهل) التي تشير الى معنيين متناقضين في اللغة، فهي من جانب تعني (الملك الاعظم )، اما المعنى الاخر لها فهو (المرأة التي لا زوج لها). كما ان (العاهل) هو المالك لأراضي الدولة في ظل نظام الإقطاع، ومانح النبلاء اراضيهم وألقابهم.
كما يتخذ (العاهل) القاباً مثل ( فرعون، ملك، سلطان، امبراطور، قيصر، دوق أكبر، امير، خليفة ) وغيره. ومن اشهر من حمل هذه الالقاب ملوك السعودية والأردن.